لحج نيوز/بقلم:لميس ضيف -
لآراء رجال الدين - أياً بلغت راديكالية طرحهم - كما بّت أرى للأسف في مسقط رأسي البحرين، لكن لمست، في الأشهر المعدودة التي قضيتها في مخاطبة الجمهور السعودي، أنهم أكثر وعيا وانفتاحا مما خلت وأن شعارهم غير المنطوق أن «الرجال يعرفون بالحق؛ ولا يعرف الحق بالرجال «.
في عودة لموضوعنا الذي طرحناه تزامناً مع تصريح الأستاذ الجامعي الشيخ يوسف الأحمد الذي هاجم فيه الحملات الإعلامية « المفتعلة» ضد تزويج القاصرات مصرا على أن ضبط وتقنين زواج القاصرات «تحريم لما أحله الله» مؤكداً أن الحالات « فردية» ولا ترقي للظاهرة وعلى قوله ذاك نرد بالأرقام التي لا تكذب ؛ وإن كانت قاصرةً عن تجسيد الحقيقة كاملة لكثرة الحالات غير المسجلة وغير المرصودة في قضايا كتلك.
فوفقا لإحصائيات اليونيسيف وصلت نسبة زواج القاصرات في مصر لـ»11»بالمائة وقفزت في ثلاث محافظات لـ» 74» بالمائة من مجموع الزيجات نتيجة – وانتبهوا- لإقبال الأثرياء العرب على «شرائهن»، ولا نستخدم هذا التعبير بخفة، ففي اليمن وصلت النسبة لـ «65» بالمائة، ويتراوح سن «الضحية» عادة بين الـ «8- 10» سنوات؛ في المغرب ، ورغم وجود تشريعات تمنع ذلك؛ تم العام الماضي تزويج 31 ألف قاصر. أما في السعودية فقد أظهرت الإحصاءات أن 3 آلاف فتاة سعودية تقل أعمارهن عن 13 عامًا زوجن مؤخراً من رجالٍ يكبرهن بـ «25» عامًا وصعوداً.. فهل مازالت تعتقد يا شيخ أن الحملات «مفتعلة « وأن الأمر لا يرقى لـ «الظاهرة».. ؟!
وذنب هؤلاء في رقبة من يا شيخ.. ؟
هؤلاء اللاتي زوجن - دون رضاهن - ودونما رغبة منهن لزيجات عنوانها الاستغلال ورايتها العبودية تختزل العلاقة الزوجية فيها بالخدمات والجسد..!! في رقبة من ؟ ذنب هؤلاء الصغيرات اللاتي يحرمن من فرصة التنعم بزيجات متكافئة كتلك تداعب أحلام الفتيات.. ذنب من ؟ زجهن في علاقات لم يتهيأن لها بعد نفسيا وجسديا، وقد استعرضنا الأسبوع الماضي أبحاث علماء الأنثروبولوجيا التي تُثبت تراجع القوة البدنية للجنس البشري بنسبة 40 بالمائة عبر العصور وهو ما يفسر فجوة النضج الجسدي بين فتيات الماضي وفتياتنا اليوم.
ذنب هؤلاء؛ هل في رقبة عائلاتهن المعوزة التي تكالب عليها الفقر والجهل فوجدت منفذا للحصول على دراهم، والتخلص من عبء أفواه بناتها في آن !! أم في رقبة ذوي النزعات الشاذة من الكهول الذين يبحثون عن فتيات في عمر حفيداتهن طمعا في أن يمتصوا منهن الشباب والحياة ؟! أم في رقبة رجال الدين الذين يسروا الأمر للطرفين .. وشرعوا الباب لهذه الممارسات وسوغوها للعامة ودافعوا عنها بضراوة وقاوموا كل المحاولات الجادة لتنظيم هذا الملف !!
لكم أن تختاروا الإجابة أو تستعينوا بصديق – أو أفضل من ذلك - بأن تلفتوا حولكم باحثين عن فتاة في الثامنة أو العاشرة وانظروا لعينيها وكاشفوا ضمائركم واسألوها: أيجوز تزويج فتيات مثل هؤلاء لرجال يضاعفونهن عمراً !!
سمعنا أن مجلس الشورى درس العام الماضي اقتراحا يقضي بتجريم زواج من هي أقل من 17 عاماً بعد حملة شعبية قادتها متطوعات سعوديات ولم نسمع بعدها أين وقف المشروع.. ونتمنى هنا على الشيخ يوسف؛ وسواه من رجال الدين، أن يكونوا لهؤلاء الصغيرات عونا.. والله من وراء القصد.