لحج نيوز/ كاميلا حياة/إيرين -
تسببت موجة من العنف العرقي في كراتشي بين البشتون (المنحدرين في الأصل من إقليم خيبر باختونخاوا في الشمال) والمهاجرين (المنحدرين من المهاجرين الذين قدموا إلى باكستان بعد التقسيم عام 1947) في مقتل ما لا يقل عن 34 شخصاً منذ 19 مايو.
وترتبط كل من المجموعتين بأحزاب سياسية مما يزيد من تعقيد أعمال العنف التي اتخذت شكل عمليات إطلاق نار ذات أهداف محددة. ويبلغ عدد سكان كراتشي نحو 15.5 مليون نسمة، حيث يشكل المهاجرون أكبر مجموعة عرقية في المدينة أو ما يقرب من نصف سكانها، يليهم البنجاب ثم البشتون.
وبعد كل موجة عنف، يتم تبادل الاتهامات والاتهامات المضادة بين الحركة القومية المتحدة للمهاجرين وحزب عوامي الوطني، الذي تمتد جذوره في خيبر باختونخاوا ولكنه يتحكم أيضاً في التصويت في كراتشي، خاصة من خلال دعم البشتون له.
وقد علق عبد الرحمن، الأمين العام للجنة المستقلة لحقوق الإنسان في باكستان، على هذه المواجهات بقوله: "تحتاج أحزابنا السياسية للتصرف بمسؤولية أكبر بكثير".
من جهته، ألقى وزير الداخلية الباكستاني، رحمن مالك في حديثه إلى وسائل الإعلام في إسلام أباد، باللوم في أعمال العنف على "المتشددين من وادي سوات والمناطق القبلية الذين يريدون زعزعة استقرار البلاد".
أما جميلة بيبي، 40 عاماً، التي تعيش في منطقة تشهد مصادمات متكررة بين المهاجرين والبشتون، فقالت: "نحن لا نعرف ما هي الحقيقة ولكن العنف يؤثر علينا بشدة ويشعرنا بخوف كبير".
عامل الفقر
وقال فيصل إدهي، أمين مؤسسة إدهي الخيرية، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الفقر والبطالة وعدم الاستقرار السياسي كلها عوامل تزيد من تفاقم أعمال العنف. وأشار إلى أن "الشباب العاطلين عن العمل يقعون في أيدي المجرمين الذين يستغلونهم لتحقيق أغراضهم. كما أن بعض عناصر الأحزاب السياسية تشارك في مثل هذه الأنشطة". وفي تعليقه على الطابع العرقي للعنف، قال أن "المجرم ليس له دين أو عرق. وحتى يتمكن من تنفيذ بعض مخططاته الإجرامية الشائنة، فإنه يتنكر أحياناً في ثوب الدين وأحياناً أخرى في ثوب العرق".
وأضاف أن تطبيق سياسات اقتصادية أفضل والحد من الفقر وزيادة فرص العمل من شأنه أن يساعد على وقف عمليات القتل هذه وغيرها من الأنشطة الإجرامية الأخرى.
وتفيد المنظمات الدولية أن معدل البطالة في باكستان وصل إلى 15.2 بالمائة خلال عام 2010 مقارنة بـ 7.40 بالمائة خلال العام السابق. ويعزو الاقتصاديون ذلك إلى انخفاض مستويات الاستثمار بسبب عدم الاستقرار السياسي وانتشار التشدد.
وفي هذا السياق، قال اسكندر حمدي لودي، وهو محلل محلي، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "ارتفاع نسبة البطالة يتسبب في انتشار الإحباط، خاصة في صفوف الشباب". ويتسم التنافس على الوظائف بشراسة كبيرة خاصة في المراكز الحضرية مثل كراتشي.
ووفقاً لتقرير صادر في شهر مارس عن مركز بحوث الدول المتأزمةCrisis States Research Centre تحت عنوان "المدينة المفتوحة: الشبكات الاجتماعية والعنف في كراتشي"، تعكس الصراعات بين المهاجرين والبشتون أو بين المهاجرين والسند التنافس على الموارد الاقتصادية، وهو تنافس نموذجي بين الفئات التي تعتمد على الموارد العامة.
وفي هذا السياق، قال محمد كرم، وهو متطوع يعمل مع الشباب في منطقة أورانجي في كراتشي، لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه "عندما يكون الناس عاطلين عن العمل، فإن التلاعب بهم يصبح سهلاً للغاية. وقد استغلت الجماعات المسلحة وغيرها من القوات الأخرى هذا الوضع في الماضي". وأضاف أنه في هذا الحي المكون من مدن صفيح يقطنها كل من البشتون والمهاجرين "يتسبب التوتر في عدم إرسال الأطفال إلى المدارس وتمزيق حياتهم".
تصاعد الخوف
وأدى العنف المتكرر إلى خلق شعور متنام بالخوف في أوساط أقلية البشتون التي يعمل الكثير من أبنائها في قطاع النقل، فهم إما ملاك الحافلات الملونة التي تجوب طرق كراتشي أو سائقوها. وعلق أحد البشتون، ويدعى عبد الجلال، 32 عاماً، على أعمال العنف بقوله: "لقد ولدت ونشأت هنا، ولكنني من الناحية الثقافية أعد من البشتون. إن فكرة تعرضي للقتل لمجرد كوني كذلك، فكرة مرعبة. لأول مرة في حياتي أتساءل إذا كان هذا المكان آمناً لتربية أولادي".
ويسود شعور مماثل على الجانب الآخر أيضاً، حيث قال محمد عمران، 25 عاماً، وهو من المهاجرين: "نحن نعيش في منطقة يكثر فيها البشتون، مما يشعرنا بالخوف".
وقد أدت الاشتباكات العرقية في كراتشي إلى جلب العناصر شبه العسكرية إلى الشوارع. ولكن تجربة العام الماضي أثبتت أنه من الصعب ترويض الاضطرابات العرقية.
أسلحة غير قانونية
وتساهم الأسلحة غير القانونية في كراتشي في إثارة العنف، حيث يتم تسجيل 16 حالة حيازة أسلحة غير مرخصة بالمتوسط يومياً، وفقاً لتقارير وسائل الإعلام المحلية. ويعتقد أن هناك أكثر من 20 مليون قطعة من الأسلحة الصغيرة المتداولة في البلاد. وعلق عبد رحمن، من لجنة حقوق الإنسان الباكستانية، على ذلك بقوله أن "برنامج نزع التسليح أمر ضروري للحد من العنف".
ولكن المراقبين يرون أن مثل هذه البرامج لم تحرز نجاحاً يذكر في الماضي في كراتشي، وهو ما يزيد من تفاقم العنف ويخلق حالة من الفوضى في المدينة.