بقلم/علي عمر الصيعري -
في كتابه الموسوم ب " قصة الأدب في اليمن " ، عرَّف الأستاذ / أحمد الشامي فن ( الزامل ) بالقول : (الزامل وجمعه زوامل ، وهو نوع من الرجز يلجأ إليه أبناء اليمن عندما يكونون في حالة خصام أو حرب . فيقف قائدهم وهو في الغالب يجيد نظم الزوامل، أو أي واحد منهم فيرتجز بضعة أبيات بلهجته العامية فيتلقفها القوم وينغمونها بأصواتهم، ثم ينشدونها جميعاً لإثارة الحماس وتحفيز الهمم .) غير أن المعروف أن الزامل لا يتقيد ببحر " الرجز" وحده بل يشمل بحوراً أخرى ، كما أورد ذلك مؤلف كتاب ( الزوامل في الحرب والمناسبات ) الباحث / صالح بن أحمد الحارثي ، الذي طرق في كتابه مناسبات الزامل ، وعَّددها على النحو التالي : الحروب ، واللقاءات القبلية مع جهات حكومية أو شبه حكومية ، و الزيارات واللقاءات والمواكب والزفات القبلية . و مناسبات الأعراس والزواج، و الأعمال والأنشطة. أما أهداف الزوامل ، فقسَّمها إلى ثمانية عشرة هدفا، أهمها / الترحيب والتكريم ، ورد التحية ، تحديد المواقف وإبداء الرأي ، التهديد والوعيد ، و التشجيع ورفع الروح المعنوية ، النصح والإرشاد ، اللوم والعتاب ، والمساندة والنجدة ، الفخر والتفاخر ، المدح والثناء والتمجيد ، وغيرها .
( للزوامل أسماء كثيـرة في اليمن ففي المناطق الشمالية ( يسمى مغرد) ، ومناطق تهامة (مهيد) ، وفي المناطق الوسطى (المهجل) ويسمى (راجـز) ، وفي بعض المناطق (مجاوبه)، وفي حضـرموت زامل (اليامي) عند قبائل سيبان (وزامل الصف والهبوت) عند قبائل الحموم ،وهذا الاسم يطلق في المشقاص والمهـره وعمان وزامل يافع وزامل العبيد وهو من الزوامل الوافدة إلينا من أفريقيا. ومن خلال بحثنا لم نجد بيتاً من الشعـر ردد هذه الأسـماء بل كلها أجمعت على كلمة الزامل وهي أكثر شيوعاً من الأسـماء الأخرى خاصةً في حضـرموت ) . أورد ذلك الفنان الباحث الراحل / سـعيد عمـر فرحـان ـ( بوعـمـر )ـ في دراسته المسماة ب (الجذور التاريخيـة لرقـص الزوامـل اليمنيـة ) .
كما يقول عن شعر الزامل: (وأشعاره قوية بقوة ذلك الصراع وتلك الفتن وذلك الظلم الذي يعانيه الشعب من حكامه في ذلك الزمن ورائعة بروعة كرم وشهامة هذه البيوت اليمنية ورمزية بعظمة هؤلاء الشعراء وما تميز به الشعر الشعبي اليمني من قوة وسلاسة على مستوى الجزيرة والخليج.) ويورد الراحل " بوعمر " نماذج قديمة من الزامل، مثل قول الشاعر والمقدم/ عوض بن شملان ، مخاطباً وزير السلطنة القعيطية السيد / حسين بن حامد المحضار، مستنجداً به من حكم باصـره حاكم دوعن :
شغب الحيل نساني أصوات الزمل القلب غل غلة زمان القصـره
ما فيه ذل دائم يدحق في العمـل شاف المحل داهل صراب الشفره
فرد عليه حسـين بن حامد المحضار قائلاً:
الهرج حل بالقيك على ظهر الجمل بين العـــدل من شوكها والسبره
شفنا جبل ما حــد يرقل بالجبل مابايصل منه يســبح صــــــدره
أما الشاعر عبدالله عبود مدحج الشحري ، فيقول في هجاء / بدر أبو طويرق:
قدها عليه هتفه يضم ويضـيّع ويوقظ الفتنة وهي نعسانة
حلان كم من دار صبحهم طيّر بشوره العاثر بدت حزنانة
ما فادت الحملات قل له هـون الجند فشلت والعرب تلفانه
ضيعت رزق الخلق في كثر السفه ألوف ذي ضيعتها حنانـه
وقول شاعر وادي حجر / أحمد بادول ،عندما علم بأن القعيطي في طريقه لتسيير حملة عسكرية لإكتساح " حجر " :
قل للقعيطي ما كفاك السوق عادك تبى حجـــر الزبينه
قل له قنع من أرضنا مرفوض هندي ولا نعرف رطينه
فالزامل أداء عسكري يدل على الفتوة. مثال ذلك ماقاله السيد حامد المحضار في قصيدة طويلة عندما قدم إلى حضرموت الداخل برفقة جنوده في زامل بحضور الشاعر عائض عبود بالوعل الكثيري، نذكر منها
اليوم يوم السعد والحـظ القوي ------ يوم الظفر جبنا كرامه ظاهره
جبنا السفينة من ركب فيها نجي ------ ومن تأخر بـايقع في الداهيه
أموال في خزنتي ورجالي معي ------ ماتختفي مثل الشموس الظاهره
ومن عصانا اليوم بكره بايجي ------ تائب ويمشي في الطريق العابره &
( نقلاً عن الجمهورية )