لحج نيوز/ إعداد:السراج اليماني - الثورة الخمينية رفعت شعارات دينية وأقامت دولة دينية رافضية على منهج ولاية الفقيه، لكن هناك سببين وجيهين لنعتبرها دولة شيوعية أو اشتراكية متسترة بلباس الدين، الأول: أن الشيوعية قد قررت تطوير تكتيكها واستخدام الأديان للوصول للسلطة، وذلك بعد أن كانت في وقت سابق قد قررت ترك الالحاد لكي لا تنفّر الشعوب الإسلامية منها ( الاشتراكية )، والسبب الثاني هو طبيعة النظام الإيراني المماثلة في جوهرها من معظم النواحي الجوهرية للأنظمة الشيوعية والاشتراكية باستثناء طبعا القناع الديني الزائف، إذن لنستعرض الأدلة على أن الدولة الإيرانية دولة شيوعية.
أولا: قبل الثورة
1- نشر موقع الراصد المتخصص بالفرق والمذاهب موضوعا بعنوان عبد الناصر وثورة إيران حيث جاء فيه: (( في كتاب "عبد الناصر وثورة إيران" لفتحى الديب، السفير السابق لجمال عبد الناصر في سويسرا، والصادر سنة 2000 عن مركز الأهرام للدراسات، يكشف عن اتصال معارضي الشاه بالنظام الناصري لطلب الدعم ضد الشاه سنة 1963م، وأن هذا الموضوع بقي سراً لم يطلع عليه إلا عبد الناصر وسكرتيره كمال رفعت والمؤلف! ولذلك حين تولى السادات الحكم بعد عبد الناصر لم يكن يعلم بهذا.
ويستغرق الديب في سرد وقائع الاتصالات والتنسيقات والتربيطات بين عبد الناصر وبين هذه القوى المعارضة، وأن إبراهيم يزدي – وزير خارجية الثورة فيما بعد - قد سافر للقاهرة لأجل مزيد من التنسيق والدعم وقدم خطة مفصلة للثورة على الشاه، وفي الخطة التي وضعها يزدي يظهر جلياً المطالبة باستغلال الدين ورجاله في الثورة على الشاه وأهمية ذلك لجذب الجماهير وتحييد الجيش، ومما قاله يزدي: "لن تنجح الحركة الوطنية في إيران إلا بتجميع قوة الدين مع قوة السياسة" ص 59، وأن الهدف النهائي هو "إقامة حكم ثوري وطني ديمقراطي اشتراكي" ص63، أو "حكم ديمقراطي اشتراكي إسلامي وطني" ص 67.
ويقول الديب إن عبد الناصر بعد مطالعته للخطة أكد أن ارتباط الثورة بالزعامات الدينية أمر حيوي و مهم (ص 75)، وطبعاً يتحدث عبد الناصر هنا من واقع خبرة، فبفضل استغلاله لجماعة الإخوان المسلمين ما وصل لحكم مصر!!))
2- آيات الله في إيران تتلمذوا على "كتابات ماركس وفيورباخ" [1]. وتتجلى روعة هذا الدليل، أن هؤلاء الآيات قد طبقوا ما كانوا قد قرءوه بعد نجاح ثورتهم الاشتراكية المنبثقة أو المتماشية مع خصوصيات المجتمع الشيعي الرافضي، ولم تكن قراءتهم من باب النقد للنظرية الماركسية كما قد يخيل للبعض، والدليل ما سيأتي.
3- تحت عنوان الخميني والشيوعية [2]، أورد المؤلف موسى الموسوي ستة عشر وجها من أوجه الشبه بين ثورة الخميني وثورة لينين. تضمنت الشبه في كل من: شعار الثورة ، والتأميم، والدعاية والإعلام، ومنع الرعايا من السفر، وتأليه الحاكم، والتبعية للنظام والانصياع لأوامره، والإرهاب والقمع الدموي، والطبقية، وغيره . وبعد ذلك قال الموسوي: " لذلك لا أجد صعوبة في رمي الخميني بـ " الشيوعية " مع ما عليه من الطيلسان والعمامة والرداء وتكراره اسم الله والإسلام في كل أحاديثه".
4- وتحت عنوان: ( يسار الإسلام ويسار الماركسية ) للكاتبة نوال أزهري، نسبت مجلة الوطن العربي في عددها 108، ص: (40) الخميني إلى (اليسار الإسلامي).
4- وتعبيراً عن توجه قيادات الثورة الإيرانية المتمثلة (بالآيات) إلى الخط اليساري، عبرت مجلة الوطن العربي في عددها (109) ص: (37) عن هذا التوجه بنشر تحقيق من طهران حول مواقف وآراء القوى السياسية الإسلامية والماركسية، تحت عنوان: ( إيران بين المطرقة والهلال).
5- تدريب كوادر الثورة الإيرانية ودعمها على يد الأنظمة الماركسية والمنظمات الماركسية:
• التدريب في ليبيا ([3]).
• التدريب في سوريا واليمن الجنوبية([4]).
• التدريب في العراق ([5]).
• التدريب على أيدي المنظمات الفلسطينية، والألوية الحمراء الإيطالية، والجيش الأحمر الياباني([6]).
• دعم مالي وعسكري من المنظمات الفلسطينية الاشتراكية([7]).
ثانياً: أثناء الثورة
ذهبت الأحزاب الشيوعية الماركسية ، واليسارية المتدثرة بالإسلام أو ما يسمى أحزاب اليسار الإسلامي في إيران إلى تأييد ومناصرة ثورة الخميني، ولو كانت هذه الثورة إسلامية تهدف إلى نصرة الإسلام والمسلمين لما أقدموا على دعمها ونصرتها، كما لو أنها كانت عميلة لأمريكا كما يزعم غثاء الناس لما دعمها وأيدها الماركسيون، ومنهم:
1. (فدائيين خلق) الماركسية([8]).
2. (مجاهدين خلق) وهي منظمة إسلامية شيعية يسارية([9]).
3. حزب تودة اليساري([10]).
4. وممن قال بدور الشيوعيين عامة في إيران في تدبير الثورة الإيرانية بتمويل أجنبي : كل من رئيس الحكومة ([11])، وشاه إيران([12])، وأزهري([13]).
بناء على ما تقدم يمكننا من الآن فصاعدا في هذا الموقع أن نسمي الدولة الإيرانية دولة شيوعية اشتراكية، ونبني التحليلات بناء على ذلك، لكن تظل مرحلة ما بعد سقوط الاتحاد السوفييتي لها خصوصيتها، حيث لم تنتي الشيوعية طبعا، لكن انتهى دور الاتحاد السوفييتي التقليدي، واستلمت الراية عنه دول إقليمية عن كل منطقة من العالم، حيث نجد النفوذ السياسي الصيني الشيوعي يزداد بسرعة، كما نجد تمدد لنفوذ الدول الشيوعية في أمريكا الجنوبية، ويصحب كل ذلك بدء انهيار أمريكا، وإذا لم يواكب انهيار أمريكا صعود عربي وإسلامي فسوف نجد عما قريب أن الشيوعية أصبحت تسيطر تماما علينا وعلى معظم دول العالم، ثم لن يكون لديها أدنى مشلكة بأن تعلن بأنها الشيوعية.
---------------------------
[1] عن (كتاب تجربة الإسلام السياسي) للمؤلف أوليفيه روا ، ص (165)، دار الساقي ط/1 عام 1994م.
[2] عن كتاب: ( الثورة البائسة) للمؤلف موسى الموسوي، ص (171-174).
[3] عن كتاب: (إيران مستودع البارود، أسرار الثورة الإيرانية) للمؤلف آدور سابيليه ، ص: (17-18، 107-110)،ترجمة عز الدين السراج ، طبعة 1980.
[4] المصدر السابق ، ص: (107-110).
[5] عن كتاب: (الثورة البائسة) للدكتور موسى الموسوي، ص: (157-161)
[6] عن كتاب: (إيران مستودع البارود، أسرار الثورة الإيرانية) للمؤلف آدور سابيليه ، ص: (107-110)،ترجمة عز الدين السراج ، طبعة 1980.
[7] (الحرب المشتركة بين إيران وإسرائيل، حقائق ووثائق) للمؤلف حسي علي هاشمي ، ص: (49-52). وانظر كتاب: (إيران بين التاج والعمامة) للمؤلف أحمد مهابة، ص (491).
[8] عن كتاب: (إيران بين التاج والعمامة) للمؤلف أحمد مهابة، ص (448).
[9] عن مجلة الوطن العربي ، العدد (109) ، ص (37-38).
[10] عن كتاب: (إيران بين التاج والعمامة) للمؤلف أحمد مهابة، ص (289).
[11] عن كتاب: (إيران بين التاج والعمامة) للمؤلف أحمد مهابة، ص (227).
[12] المصدر السابق ، ص: (228).
[13] المصدر السابق ، ص: (347).
دعوة عاجلة لعلماء الأمة المسلمة لإصدار فتوى بحق من يتعاون مع إيران
, 19 شباط/فبراير 2012 يا علماء الأمة ... يا قادة الأمة .... يا ورثة الأنبياء ... يا من اصطفاكم الله من خلقه لتكونوا خير خلقه ... يا من حمّلكم أمانة تبليغ الرسالة الإلهية إلى العالم أجمع ... يا من بكم تعلو الأمم وتزهو وتزدهر ... يا من جعل لكم الحجة والبرهان لتكونوا شهداء على الناس ... يا من وضع في صوتكم قوة البيان والتبيان لترشدوا الناس إلى الهدى والحق المبين ... يامن زرع في قلوب الجبابرة المهابة منكم والخوف من صوتكم المجلجل الهادر الصادع بكلمة الحق .
أين أنتم يا هؤلاء العلماء الأجلاء مما يجري في أرض الشام ... الأرض التي روتها دماء الصحابة والتابعين ... أرض الأولياء والصالحين والشهداء الطيبين ... الأرض التي باركها الله تعالى ، ووطأتها أقدام المصطفى صلى الله عليه وسلم الشريفة ... أرض المحشر والمنشر ... أرض العلماء المجاهدين العاملين أمثال ابن الجوزي وابن تيمية وابن القيم والنووي والعز بن عبد السلام ( سلطان العلماء وبائع الأمراء ) وغيرهم كثير وكثير ... أرض القادة الفاتحين أمثال خالد بن الوليد وأبي عبيدة الجراح وصلاح الدين .
هذه الأرض المباركة – أيها السادة الأفاضل الأكارم – اليوم تجري على ترابها دماء أهلكم ... دماء نسائكم ... دماء بناتكم ... دماء أبنائكم ... دماء إخوانكم وأخواتكم ... أنهارا وبحارا ، وترون ، والعالم كله يرى ويسمع على شاشات التلفاز ، ما يجري حقيقة على أرض سورية من مجازر وجرائم بحق الشعب السوري ، لم ترتكب من قبل ، لا في عهد هولاكو ولا جنكيزخان ولا ستالين ولا هتلر ، يقوم بتنفيذها الآن الحلف العالمي للباطنية الشيعية الصفوية المجوسية الفارسية تتقدمهم قطعان الأسد الهائجة المتوحشة.
إن ما يسمى بشيعة ايران وشيعة العالم أجمع ، يتجمعون الآن في خندق واحد وفي حلف واحد ... إنه حلف الأحزاب الجديد ، لمساندة ودعم وتأييد النظام الأسدي ، في قتاله للشعب السوري المطالب بحريته وكرامته .
إن الحلف الشيعي الفارسي المجوسي الباطني الرافضي ، لهو أخطر اليوم على المسلمين من الحلف الصليبي اليهودي ، ذلك أن الحلف الأخير ظاهر العداوة ، ويعرف عداوته جميع المسلمين ، فيحذرون منه ، ولكن الحلف الشيعي منافق دجال كذاب أفاك ، يلبس لبوس الإسلام ، ويخدع البسطاء والسذج والمغفلين من المسلمين ، تحت راية المقاومة والممانعة لإسرائيل ، وبالرغم من أن الثورة كشفت زيف وبطلان إدعاءاته وأكاذيبه ، إلا أنه – وللأسف العميق - لا يزال بعض رعاع المسلمين – ولو كانوا في مراكز القيادة - يصدقونه ويتواصلون معه .
أين أنتم يا هداة الأمة ... أين أنتم يا نور الأمة ومصباحها المضئ ... أين صوتكم المجلجل الذي يدك عروش الطغاة الجبابرة ، أين وقفتكم للدفاع عن المظلومين ، المقهورين ، المعذبين ... مالكم صامتون ساكتون إلا من تنديد واستنكار وشجب ، لا يسمن ولا يغني من جوع ، ولمرات قليلة ... أين أنتم ياعلماء نجد الأنجاد ... أين أنتم ياعلماء الحجاز الأبرار ... أين أنتم ياعلماء الشام الأطهار ... أين أنتم ياعلماء الأزهر والمغرب والمشرق العربي ... أين وقفتكم الشجاعة الجريئة ؟؟؟!!!
اعلموا يا هؤلاء الأكارم الأفاضل ، إن لم تعلنوها الآن صرخة مدوية ، تهتز لها جنبات الأرض كلها على هذا الحلف الشيعي الشرير ، فستلعنكم الأجيال الحاضرة والقادمة ، ولن يكون لكم أي مستقبل عند الأمة كلها ، وستطحنكم بأقدامها ، ولن تكون لكم أي مكانة أو احترام ، وستكونون كأحبار بني اسرائيل الذين لعنهم الله ولعنهم اللاعنون .
اليوم وليس غداً ... اليوم فقط ... إما أن تكونوا علماء حق وصدق ، أو لا تكونوا ...
إن الثورة السورية هي الفيصل والإختبار الحقيقي لصدقكم وإخلاصكم ...
أمامكم أمران لا ثالث لهما ، لإثبات أهليتكم بحمل الرسالة الإلهية ، وقيادة الأمة :
أولاً : عليكم أن تتداعوا إلى مؤتمر عاجل وطارئ في مكة المكرمة أو المدينة المنورة ، لتكونوا قريبا من مهد النبوة ، ولتكون الأرض الطاهرة وذكرياتها ، وصاحبها المبجل المعظم ، باعثا لكم ودافعا لكم لإتخاذ قرارات جريئة وشجاعة ، وعالية القوة ، والمسؤولية ، لتتناسب مع عظم الحدث الجاري في أرض الشام ، وتعلنوا فتوى صريحة وقاطعة ، لا لبس فيها ولا إبهام ولا غموض :
1- بإعلان إيران أنها دولة غير مسلمة ، ونزع هذا اللباس الإسلامي المهترئ التي تتستر به .
2- وإعلان أنها دولة معادية للإسلام والمسلمين ، ومشاركة في جريمة قتل المسلمين في سورية والعراق والبحرين ولبنان وغيرهم .
3- وتحريم التعامل معها بأي شكل من الأشكال ومن أي جهة كانت .
4- وإياكم ثم إياكم أن تأخذكم رأفة أو رحمة ، في أحفاد أبي لؤلؤة المجوسي ، وابن سبأ اليهودي وتنطلي عليكم ألعوبة وخرافة إثارة الفتنة الطائفية ، وتقسيم صف المسلمين ، إنهم هم العدو فاحذروهم قاتلهم الله أنى يؤفكون ، ألا تثورون لهذه الدماء البريئة التي تسفك على أرض سورية ؟؟؟.... ألا تثورون لعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم يلعنون أمكم عائشة السيدة الطاهرة أحب زوجات الرسول إليه ، وإتهامها بالفجور والزنى ، ويلعنون صاحبيه اللذين هما أحب الأصحاب إلى قلب رسول الله ، فإذا كان هؤلاء الأحب إلى الرسول أشرارا – حسب اعتقادهم – فهذا يعني أن الرسول هو معلم الأشرار ؟؟؟!!!! أترضون بهذه المسبة لرسولكم أيها العلماء ؟؟؟
الأمر الثاني :
بعد أن تصدروا هذه الفتوى الجريئة الواجبة شرعا ودينا وخلقا وإنسانية
أن تجهزوا طائرة أو طائرات ، وتنطلقوا ومعكم فريق إعلامي كبير جدا إسلامي عربي أجنبي غربي شرقي إلى دمشق ، وإلى مسجد بني أمية العظيم ، وتعلنوا طلب ايقاف القتل الفوري وسحب الجيش الأسدي من جميع المناطق السورية ، وتبقوا معتصمين فيه حتى تحقيق هذا الطلب ، أو تقتلوا دون ذلك ، وإن قتلتم فهو خير لكم – إن كنتم تعلمون – وستكون دماؤكم مشاعل النهضة الإسلامية ومشاعل النصر للإسلام والمسلمين .
وإن مُنعتم من دخول سورية ، فلا حرج عليكم ولا لوم ، تكونوا قد أشهدتم الله أولا ، صدق نيتكم وإخلاصكم ، وأبرأتم ذمتكم أمام العالم أجمع ، وللأجيال القادمة ، وأثبتم لهم شدة طغيان هذا النظام الأسدي الفاجر ، وزلزلتم أركانه ، وفضحتم أكاذيبه أمام العالم أكثر وأكثر ، وأعطيتم للثوار دفعة معنوية كبيرة ، من الصمود والصبر والتصدي لهذا المجرم السفاح .
هل تفعلون ذلك ، أم كتبت عليكم الذلة والمسكنة وبؤتم بغضب الله ؟؟؟؟
أم لا حياة لمن تنادي ؟؟؟؟
ازداد الوعي بخطر إيران لكن ينقصنا فقه الواقع
امرت سنة 2005 وما بعدها بثقلها الشديد على أمتنا وما حملته من تهديدات إقليمية طائفية إيرانية غاية في الخطورة، حيث وقتها كان الوعي الجماهيري بها شبه معدوم، ومن يحاول نشر الوعي بها يعد شبه مجنون، وكان الجميع (إلا من رحم الله) ثملا بانتصارات حزب اللات الموهومة، وعلى الرغم من كل هذا، استمر الدعاة الذين هم على بصيرة بكشف دعوة حقيقة التقريب بين الشيعة والسنة، وبيان زيف الانتصارات، واستمروا وتحملوا الشتائم والصعوبات والإهانات واستخفاف الناس بهم، وكان دافعهم هو الإشفاق على مصير الأمة التي غدت بين فكي جهلها والافعى الإيرانية الرافضية الثورية ، فغدت الامة وقتها ذاهبة إلى حتفها وهي تظن نفسها أنها تحسن صنعا وأنها تقترب من النصر المؤزر المبين، وكل ذلك بفعل الأثر السحري للدعاية الدجلية الايرانية الرافضية الشبيهة بالماركسية.
فاستمر الدعاة ولا زالوا في عملهم وجهادهم بالكلمة في بعض القنوات وبعض المواقع الإلكترونية والمنتديات، ورغم قلة الإمكانات المادية وكثرة العثرات وضعف الجهود، رغم كل هذا، فقد بارك الله بهذه الجهود القليلة، رغم ما يقابلها من جهود وأموال طائلة تبذل وعدد هائل من المجندين الزاحفين من قبل ايران، إلا أن الحق أبلج والباطل لجلج، فومضة صغيرة من النور تمحو ظلام غرفة كاملة، وهكذا ومع الصبر كتب الله الفرج ولو جزئيا، وبدأ الوعي بخطر الشيعة ينمو ويزداد وخصوصا بسبب أعمال الشيعة الإرهابية في العراق، حيث نأمل إن شاء الله أن لا تكون معاناة وآلام عشرات الألوف من أرواح المسلمين ومئآتها تحت السكين الإيراني قد ذهبت سدىً، ونرجو أن يستمر هذا الوعي ويزداد.
ولله الحمد فقد بدأت تكثر الفضائيات والمواقع والدعاة وجنود الحق والمتبرعين في دعمها، ولكن هنا يجب التنبه إلى قضية غاية في الأهمية لا تزال غائبة عنا، وهي أن كل هذا الوعي الذي حصل وهو خير عظيم وفائدة كبيرة، إلا أنه غير كافٍ إطلاقاً، لا من ناحية الكم ولا من ناحية الكيف وهي الأهم، فمن ناحية الكم فقد ازداد كثيرا أعداد الجماهير التي بدأت تهتم وتعي هذه الأمور الخطيرة وتوعّي وتحذر غيرها، إلا أنه لا يزال في المقابل أعداد هائلة جدا من المنجرفين وراء الدعاية الإيرانية والرافضية المنبثقة من حرب الدعاية الثورية الماركسية القديمة ودجلها. ولذا يجب أن لا نغتر بما وصلنا إليه من وعي ولا نظن لطرفة عين أننا أحسنا العمل كثيراً أبداً، فعدونا لا زال ذكيا وسريعاً في تغيير تكاتيكه، بعكسنا نحن الذين احتجنا إلى عشرات الألوف من الضحايا ومئاتها لكي نصحو قليلا.
أما من ناحية الكيف وهي الناحية الأهم، فإن معظم الذين أصبح لديهم قليل من الوعي بالخطر الإيراني لا زال وعيهم منقوص وهش للغاية، لضعف فهم العلاقة العقيدية والسياسية بين إيران وموسكو وتل أبيب، ومن الممكن أن يقوم الرافضة في إيران أو خارجها بإعادة خداعهم بمسرحية بسيطة من إخراج مشترك بين ملالي طهران وحاخامات تل أبيب، تماما كما حصل في حرب حزب اللات في عام 2006، ويبدو أنهم لم يعيدوا إخراج مسرحية مشابهة لتلك لأن الأمة لم تعد تنطلي عليها هكذا تمثيليات مصطنعة، بل على الأرجح لأن الظروف الدولية لم تسمح لهم بمثل ذلك، ولذا ها نحن أحيانا نرى ونسمع هذه الأيام ببعض التحضيرات لحرب (إسرائيلية – حزب لاتية)، وهي كلها على ما يبدو بالونات اختبار، قد ترقى لمسرحية حقيقية إذا رأوا أن الظروف الدولية مناسبة، أو أن ذاكرة الجماهير نسيت الماضي لأن الدعاة توقفوا عن تذكيرهم.
ولكن من أراد أن يعي الواقع بشكل حقيقي فلا يكفيه فقط أن يدرس ويفهم أخطاء الماضي ويتعلم الدروس والعبر منها فقط، فلاعب الشطرنج الذي يريد أن يفوز يجب عليه أن يظل على الدوام يتوقع الأساليب والخطط الجديدة من عدوه والتي لا تخطر على بال، وذلك من خلال المتابعة الحثيثة للأوضاع وتوسيع دائرة التفكير والتحليل بعمق، وكثرة القراءة والدراسة والتمرس بمهارات التحليل السياسي، وخاصة أن هذا اللاعب إذا خسر اللعبة فمصيره الموت أو الفتنة، والفتنة أكبر من القتل، وهنا يجب أن يتم إبراز (الدور الوقائي)، وقاية الأمة مسبقا من الوقوع في مثل تلك الخدع والمسرحيات، وهذا هو دور فقهاء الواقع وعلماء فقه الموازنات، هذا إذا أردنا أن تستمر صحوتنا وتكتمل وتتكلل جهودنا بدحر أعدائنا، وإلا فما قمنا به لا يعدو أن يكون فورة حليب ثم تعود الأمور إلى ما كانت عليه، وعلى مصير الأمة بعدها السلام.
فقه الواقع في وثائق ويكيليكس حول حرب العراق
نموذجا جديدا لم نعهده من قبل في هذا الشأن، وما يهمنا في هذا الموضوع هو كيف نستفيد من مثل هذا النوع من الوثائق في رحلة فهم الواقع و التحليل السياسي؟ لقد جرت العادة أن يتم الكشف عن الوثائق السرية بعد مضي 25 عاما أو أكثر، كما تحصل تسريبات صغيرة من حين لآخر سواء متعمدة أو غير متعمدة، لكن هذه أول مرة تحدث فيها تسريبات بهذا الحجم، وقد رفضت الإدراة الأمريكية هذا التسريب ونددت به، وهي تهدد صاحب موقع ويكيليكس، وتنذر بالخطر على جنودها.
دعونا نقول أولا كما قال الكثيرين بأن هذه الوثائق لا تأتي بجديد، بل هي دلائل ووثائق على ما كان الكثيرون يقولون، ولقد كان من الثابت ضلوع إيران والمليشيات الرافضية في جرائم الإبادة، لكن الشكوك أيضا كانت تحوم كثيرا حول المالكي، وطال الزمن ثم قرر المالكي في النهاية أن يقوم بمسرحية، فوضع الصدريين كبش فداء لكي يظهر بصفة المحارب للإرهاب، لكن كثيرا من المراقبين ظلوا على شك كبير بذلك، لأنهم انطلقوا من دراسة عقيدة الشيعة التي تأمر بقتل السنة، إضافة لأخذ العبرة من أحداث التاريخ السابقة، ولقد دكرنا في موضوع سابق "كيف نبدأ بفهم الواقع من حولنا؟ 2"
أننا نستطيع استشفاف الحقيقة حتى قبل ظهور الوثائق والأدلة الدامغة، وها هي الأدلة تثبت بعد ظهورها صحة ما ذهبنا إليه.
وقد كثر الاختلاف في تفسير هذه الوثائق، وفي تحميل مسؤولية الجرائم لإيران أو أمريكا، كل بحسب طبيعة نظرته وتوجهه السياسي، وطبعا هذه الوثائق بأعدادها الضخمة تحتاج كثيرا من الوقت حتى تتم دراستها دراسة وافية والوصول منها إلى نتيجة متكاملة، إضافة إلى أنه يجب علينا أن نعتقد أنها بقضها وقضيضها لا تحمل الصورة الكاملة لكل ما حدث، ويبرز الآن سؤال مهم، كيف نحدد المسؤول الحقيقي عن الجرائم وكيف نوزع المسؤولية بين المشاركين؟ ومن كانت مشاركته فردية ومن كانت مشاركته مؤسسية ممنهجة؟ هل يمكننا الوصول إلى إجابة قبل اكتمال دراسة هذه الوثائق التي تعد بالآلاف، وقبل دراسة الواقع على الأرض وقيام التحقيقات وظهور مزيد من الحقائق والأدلة؟
الجواب هو نعم، بالعودة مرة أخرى لدراسة العقائد والاعتبار بدروس التاريخ، نستطيع رسم صورة تقريبية ذات تفاصيل لا بأس بها، ووذلك لأننا بحاجة ماسة لهذا فورا، ولأن إنتظار الحقائق لتظهر يعني أن ذلك سيكون بعد فوات الأوان وبعد أن يكون الصغير قبل الكبير قد عرف بكل شيء، كما ان فقه الواقع يحثنا على أن نعرف الفتنة ونتجنبها وهي قادمة لا أن نراها وهي مدبرة بعد انتهاء وقت الامتحان.
نقول وبالله التوفيق بأنه لا شك إن الجميع سواء من إيرانيين والمليشيات الطائفية الرافضية والبعثيين وتنظيم القاعدة والجيش الأمريكي وشركات الحماية الأمريكية وحكام أمريكيين عسكريين وحكام عراقيين منتخبين كلهم ضالعون في هذه المجازر الرهيبة، لكن الاكتفاء بمثل هذه النتيجة هو تسطيح للحقيقة، ففي محاكم الجنايات يتم التفريق بين حجم جريمة كل مجرم بكل دقة، وهذا ما يجب علينا القيام به لنعلم من هو أشد عداء لنا، حيث لا نستطيع مجابهة كل الأعداء مرة واحدة، بل يجب معرفة من هو الأخطر ومجابهته أولا وتحييد الباقين ما أمكن إلى أن يتم التخلص من العدو الأشد خطرا، ثم يتم البدء بالعدو التالي في شدة الخطر، وهكذا.
مختصر الكلام هو أن إيران في الوقت الحاضر هي رأس الحربة وهي المحرك الرئيس لهذه الجرائم وهي محرك تنظيم القاعدة أيضا، أما أمريكا فهي راحلة من العراق عما قريب، بينما إيران هي العدو الباقي والمتربص بنا منذ آلاف السنين، نعم تجب معاداة ومحاربة أمريكا، وكشف دورها وفضح ومحاسبة ومحاكمة المسؤولين والمتسترين على الجرائم محاكمة حقيقية، ولكن ليس بطريقة تحميلها كل الجرائم وتبرئة إيران ووكلائها في حكومة العراق من الجرائم، فهؤلاء من أبناء العراق وجريمتهم بأهل وطنهم بألف جريمة من جرائم الغريب، ولولاهم ما قامت هذه الجرائم، كما أن إيران الجارة التي تزعم أنها جمهورية إسلامية والمفروض بها حماية إخوانها العراقيين من الأمريكان، قامت بأفظع وأشد مما قام به الأمريكان، فجريمتها مضاعفة في الكم والكيف، وفي الإعتبار من حيث أنها تدعي الإسلام وتدعي نصرة القضية الفلسطينية، فأي نصرة هذه ممن تقتل أبناء العراق السنة، وتقتل الفلسطينيين في العراق لأنهم سنة؟!
تسليم العراق لإيران!
الإثنين, 24 تشرين1/أكتوير 2011 16:13 | الكاتب: طارق الحميد | قرار الانسحاب الأميركي من العراق نهاية هذا العام يطرح كثيرا من الأسئلة التي لا توجد لها أجوبة، والسؤال الأهم بينها: لماذا تسلم الولايات المتحدة الأميركية العراق إلى إيران بعد كل هذه الأموال والدم الذي لا يقدر بثمن؟ العراق غير مؤهل عسكريا ومخابراتيا وحتى سياسيا، للوقوف على قدميه كما ينبغي، فعسكريا ليس لدى العراق حتى قوات جوية جاهزة ومهيأة، واستخباراتيا ليس لدى العراق جهاز فعال قادر على الرصد والتتبع بشكل فعلي وعملي، وأما سياسيا فتلك كارثة أخرى؛ فالحكومة العراقية طائفية ومرتمية بأحضان إيران، ولم تستطع تحقيق المصالحة السياسية ببغداد بل تواصل الاستقصاء والثأر، ومنغمسة بالطائفية إلى أبعد مدى، وها هي النصير الأبرز لنظام بشار الأسد الذي يقتل نظامه الأمني السوريين يوميا، فهل هذه حكومة يمكن الوثوق بأنها قادرة على إرساء الاستقرار بالعراق، أو في دول الجوار؟ أشك!
والغريب أن وزيرة الخارجية الأميركية تقول لمحطة «إن بي سي» الأميركية إنه «يجب أن لا يسيء أحد تقدير عزم أميركا والتزامها بالمساعدة في دعم الديمقراطية العراقية»، وإن أميركا قد دفعت ثمنا غاليا لمنح العراقيين هذه الفرصة، مضيفة - أي كلينتون - بأنه يجب أن لا يساور أحدا أي شك في الالتزام الأميركي تجاه العراق، خاصة إيران المجاورة، حيث أضافت كلينتون بمقابلة أخرى على محطة «سي إن إن» الأميركية أنه «ستكون إيران مخطئة في حساباتها بشدة إذا لم تنظر إلى المنطقة بأسرها ولوجودنا في العديد من دول المنطقة».
لكن الحقائق تقول إن نفوذ طهران بالعراق قد تعزز أمام أنظار الإدارة الأميركية الحالية، كما استفاد النفوذ الإيراني من أخطاء الإدارة الأميركية السابقة، وهذا ليس كل شيء، فها هو الرئيس الإيراني يقول، وبنفس اليوم الذي صرحت فيه السيدة كلينتون، بمقابلة مع محطة «سي إن إن» الأميركية إنه - أي نجاد - لا يتوقع أي تغير في علاقات بلاده مع العراق بعد انسحاب القوات الأميركية. وأضاف نجاد، وبكل ثقة، وهذا بيت القصيد كما يقال: «لدينا علاقات جيدة جدا مع الحكومة والبرلمان العراقيين.. وعمقنا علاقاتنا بهما يوما بعد يوم».
وهذا صحيح «يوما بعد يوم» وأمام أعين الأميركيين، ولذلك فإنه ليس بسر حجم النفوذ الإيراني بالعراق، ودعم طهران للميليشيات الشيعية هناك، ويكفي الاستماع لشكوى شرفاء العراق، من سنة وشيعة، وغيرهما، الذين لا يقبلون أن يكون بلدهم مسرحا، ولعبة بيد إيران، أو يدار من قبل قاسم سليماني وفيلق القدس الإيراني.
وعليه فإن الأسئلة كثر اليوم، فهل انسحب الأميركيون من العراق فقط لخفض التكاليف المادية؟ أشك، فأكثر منتقدي القرار بأميركا من الجمهوريين. والسؤال الآخر هل الانسحاب من أجل الاستعداد للقيام بعمل آخر، مثل العمل العسكري ضد إيران، وبالتالي فإن واشنطن لا تريد أن يكون ظهرها مكشوفا لطهران من ناحية العراق؟ لا نعلم! أم أن الانسحاب هو نتيجة قرار سياسي خاطئ، ناتج عن الضغوط الانتخابية؛ لأن أوباما سبق وأن وعد بحملته للرئاسة فعل ذلك؟
إذا كانت هذه هي الأسباب فإن النتائج ستكون كارثية على العراق والعراقيين، بل والمنطقة برمتها!
كيف يمكن أن تسير ثورة مصر إلى بر الأمان بعيدا عن المشروع الإيراني؟
جميع الأحزاب وجميع الدول تحاول التأثير في مصير الثورة المصرية، فقد خضعت مصر ولا تزال لعدد من التجاذبات الدولية التي تترواح ما بين مشروع دول المقاومة والممانعة ـ زعمواـ ، ومشروع دول الاعتدال السني القائم على فقه الموازنات وتغليب الحلول السلمية. ولا شك أن أخطر مشروع يريد بمصر أمراً كبيراً هو المشروع الإيراني، صاحب مشروع ولاية الفقيه والخطة الخمسينية. وبعد الثورة في مصر ورحيل الرئيس مبارك، تبدو المخططات المرسومة تسير بطريقة أكثر تطوراً لمواكبة التطلعات الشعبية والشبابية نحو الحرية والديمقراطية وتحقيقها.
فما هي طبيعة هذا المشروع الإيراني بعد الثورة؟ وبماذا يتمثل فعليا على أرض الواقع؟ وهل هو مخطط سخيف يكفي مجرد الانتباه له كي نحبطه؟ أم هو مخطط معقد ومحكم ويصعب للغاية التصدي له؟ أم هو مخطط قوي من الممكن إحباطه لكن حال الشعب المصري وأطيافه لا يبشر كثيرا بإمكانية التصدي له؟ أم أن بعض تباشير وإرهاصات النصر مثل حركة التغيير الشعبي في سوريا، وسقوط كثير من الأكاذيب وأساطير المقاومة السورية والإيرانية، وانتشار أكثر وأسرع للمعلومات عبر الانترنت كلها عوامل جديدة يمكن التغلب بها على عجزنا السابق؟ وكيف نتصدى لهذا المشروع؟ هل هو بمجرد التخويف والتحذير منه، أم إضافة إلى ذلك بإيجاد وتشجيع البدائل الوطنية الصادقة؟
إن طبيعة المشروع الإيراني بشكله السابق القائم على تصدير الثورة من الممكن أن نمثلها بدعوة نصر الله للجيش والشعب المصري بالانقلاب أو الثورة على النظام الراحل في فترة حرب غزة، ومثل هذه الثورة لأسباب أيديولوجية هي أشبه بالثورة الإيرانية، ولكن الثورة المصرية الجديدة هي ذات طابع غير أيدولوجي وتدعو لإقامة نظام ديمقراطي تعددي لتداول السلطة سلميا، لذا فقد أصبح المشروع الإيراني الجديد يرتكز على مبادئ هذه الثورة ويحاول أن يمتطي موجتها بما لا يتعارض معها، وذلك عبر الديمقراطية وصناديق الاقتراع، ويحاول في نفس الوقت غزو عقول بعض شباب الثورة والاعتماد على بعض تيارات الإخوان المسلمين التي تقبل بالمشروع الإيراني أو صاحبة الهوى الإيراني بالمعنى الآخر، كما يحاول أيضا غزو بعض الجماعات السلفية بالتحالف السياسي لا العقدي، مثلاً، عبر استغلال فكرة تضخيم وتقديس العداء ضد الغرب بشكل أكثر من العداء لكل من إيران والمعسكر الشرقي (روسيا والصين).
الكثيرون من تيارات الإخوان وغيرهم من الذين ينظرون للخطر الإيراني بحذر، لا يحذرون منه بالشكل الكافي ولا يدركون مدى قوة خداعه وقدرته على تسخير الشعوب والجماعات من أجل مشروعه وهي تظن أنها تعمل لأجل قضيتها، بينما في الطرف الآخر هناك البعض ممن يعرفون جيداً مدى خطورته ودهاء مخططاته، لكنهم يقعون فيما يمكن التعبير عنه بالتهويل من حتمية نجاح هذه المخططات بسبب قوة إحكامها من جهة وضعفنا وضعف انتشار الوعي بها من جهة أخرى، وكلا الحالتين تؤدي لنفس النتيجة وهي نجاح المخطط في تحقيق أهدافه.
صحيح أننا في المرحلة السابقة كنا ضحية سهلة أمام كافة أنواع المخططات والمشاريع بسبب غفلتنا أو غثائيتنا كما عبر عنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي أيضا السنوات الخداعات، ولكن من قال بأن هذه الغثائية وهذه السنين الخداعة سوف تستمر إلى ما لا نهاية؟ ومن قال بأنه إذا بقيت بعض الشرائح مستمرة في غثائيتها وتصديقها للكذب فإن هذا يعني أن الأغلبية سوف تظل كذلك؟ إن الأمور قد تكون في بداية تغيير جذري في هذه المعادلة، وخاصة بوجود الانترنت ووسائل الاتصال التي تمكن أي شخص أو مجموعة مهمشة لديها فكرة رائعة من نشرها، وهذه الوسائل الجديدة كانت من أهم وسائل الثورات الشعبية الأخيرة كما يعلم الجميع، أفلا يمكن أن تكون أيضا وسيلة لنهوض كبير من حالة الغثائية والتخلص من خداع السنوات الخداعة؟
إن حلول الديمقراطية الحقيقية في أي دولة قد يجعلها عرضة للمتسلقين وأصحاب الأجندات الخارجية، ولكنّ صمام الأمام هو القيام بترسيخ عدد من الأمور والثوابت والوطنية التي يصعب اختراقها، منها:
1- دستور ديمقراطي تعددي يكفل الانتقال السلمي السلس للسطلة ويمنع احتكارها، مع وضع بنود لحماية الدستور من العبث به أو تعديل مواده الديمقراطية الكفيلة بتداول السلطة، إلا بأغلبية استفتاء شعبي تفوق مثلا نسبة 85%.
2- الشعب والشارع الواعي جيدا هو الضامن لبقاء الديمقراطية، ولكن من يحرك الشعب؟ قد تأتي مرحلة يستطيع فيها بعض العابثين تحريك الشعب في اتجاه معين، لذا يجب التركيز على نشر الوعي الشعبي جيدا بأهمية المحافظة على الديمقراطية لمنع أي رئيس من تجاوز فترتين رئاسيتين، مثلا لا يمكن القبول تحت أي ظرف بمجيء نموذج لرئيس (منقذ مقدس منزه مثل جمال عبد الناصر)، ليقوم بإلغاء الديمقراطية والحرية مقابل شعارات مقاومة أو وحدة عربية ألخ... سواء كانت شعارت كاذبة أو حقيقية، ولا يمكن القبول باستمرار رئيس ناجح أكثر من ولايتين حتى لو كان مثاليا، كي لا نفتح الباب مستقبلا أمام مجيء رؤساء ديكاتوريين ويستمرون بالسلطة.
3- تأسيس أحزاب وطنية حقيقية ذات محتوى وطني وولاء فعلي لمصالح الوطن والشعب تحتوي على كافة أطياف المجتمع، ويكون لها أهداف واضحة ومحددة بعيدا عن الأيديولوجيات الجاهزة القديمة أو المستحدثة، بحيث تملأ الفراغ الذي تريد أن تستغله الجهات ذات الأغراض المشبوهة.
4- على كافة المواطنين وأصحاب التوجهات الوطنية الصادقة غير المرتبطة بتيارات خارجية ـ من السلفيين والإخوان المسلمين والليبراليين وغيرهم ـ أن يعملوا جميعاً وبوعي منهم لمواجهة وتحدي أصحاب التوجهات المرتبطة بالخارج وفضح أساليبهم.
بهذه المبادئ نستطيع بحول الله الاستفادة من حركة الجماهير السلمية وتخطي مرحلة العيش في كنف الأنظمة الدكتاتورية إلى مرحلة الديموقراطية، ونكون قد نأينا بأنفسنا من الوقوع فيما هو أسوأ. |