لحج نيوز/تريم-سيئون-حضرموت:عبدالرحمن باهارون - عبر آل باغريب آل كُرُب، وآل سيبان بمدينة تريم حضرموت، وآل الكثيري بسيئون حضرموت، اليوم عن شكرهم وتقديرهم للدكتور/عبدالعزيز صالح أحمد بن حبتور رئيس جامعة عدن، والشخصية الإجتماعية والثقافية المعروفة الذي حضر شخصياً إلى ديارهم بحضرموت للتعزية والمواساة بوفاة الشيخ/سعيد عوض السيباني (الشخصية الاجتماعية المصلحة بمنطقة السويري) جد الأخوة/نصر وعلي وأحمد مبارك بن رزيق باغريب آل كُرُب من جهة أم والدهم، وكذا بوفاة الدكتور/زكي عمرمحسن الكثيري (الأستاذ بكلية الطب – جامعة عدن)، أبن الأستاذ المساعد/عمر محسن الكثيري (الأستاذ بكلية العلوم الإدارية – جامعة عدن).
وأعرب آل باغريب، وآل الكثيري في رسالة رفعت اليوم للدكتور/عبدالعزيز بن حبتور عن شكرهم له لتعزيتهم بمصابهما وفقدانهما لعزيزين عليهما، ببرقيتي مواساة (نشرت بالموقع الإعلامي الالكتروني لجامعة عدن)، وبالاتصال الهاتفي وبالحضور شخصياً إلى ديار آل باغريب بمنطقة السوير (حي الريضة)، بمدينة تريم بحضرموت، وكذا إلى ديار آل الكثيري بسيئون حضرموت.
وقالوا أن مالمسوه من الأخ/رئيس جامعة عدن والشخصية الثقافية والاجتماعية المعروفة (د/عبدالعزيز صالح بن حبتور) من مشاعر نبيلة وصادقة في مصابهما كان له الأثر الطيب في التخفيف عنهما، فجزاه الله عنا خير الجزاء..، سائلين المولى عز وجل أن يبعد عنه كل الأحزان وأن لا يريه الله مكروها بعزيز، و أن يرحم المولى فقيدانا الغاليين، ويتغمد الفقيد الشيخ/سعيد عوض السيباني، والدكتور/زكي عمرمحسن الكثيري برحمته و سائر أموات المسلمين.
وكان الدكتور/عبدالعزيز صالح بن حبتور قد قام يرافقه الأستاذ/عبدالقادر الكاف عميد كلية المجتمع بسيئون الأسبوع المنصرم ديار آل باغريب بمنطقة السويري بتريم، وديار آل الكثيري بسيئون حضرموت لتقديم واجب العزاء شخصياً في الفقيدين الغاليين.
زيارة مقام وضريح المهاجر أحمد بن عيسى:
على صعيد أخر قام الدكتور/عبدالعزيز صالح بن حبتور بمعية الأستاذ/عبدالقادر الكاف بزيارة إلى مقام وضريح الإمام أحمد بن عيسى المهاجر الكائن بالهضبة الواقعة بين مديريتي تريم وسيئون بحضرموت، (منطقة الحسيسه الواقعة على مدخل قرية بور).
وتعرف الأخ/رئيس الجامعة على الأثر الإسلامي الكبير الماثل في موقع ضريح الإمام أحمد بن عيسى وسيرته العطرة، وأستمع من المسئولين عن حفظ وتوثيق تراث الموقع للدور الكبير الذي قام به المهاجر في إحياء تعاليم الدين الإسلامي ونشر المذهب السني الشافعي ومناهضة المذهب الأباظي الذي سعى للامتداد في بلاد الأحقاف وعمان ومسقط قبل مجيء المهاجر أحمد بن عيسى إلى حضرموت.
واستخلصت الزيارة العبر والدروس المستفادة من الإمام أحمد بن عيسى المهاجر وكفاحه الدءوب لتصحيح وتصويب الكثير من مفاهيم الفقه الإسلامي الحنيف وتدعيم المذهب الشافعي، وتكريس قيم الوسطية والاعتدال في الدين ونبذ الغلو والتطرف ومحاولات إلباس الدين لمفاهيم وعادات لاتنسجم أبداً مع رسالة رسولنا الأعظم محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلوات والتسليم عليه وعلى أهل بيته الأبرار.
وأستمع الدكتور/عبدالعزيز صالح بن حبتور بإهتمام وتفكر عميقين إلى سيرة الإمام أحمد بن عيسى المهاجر العطرة الذي عاش خلال المدة (260 هـ - 345 هـ)، ويمتد نسبة إلى النبي محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، وهو أحمد بن عيسى بن محمد بن على العريضى بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين السبط بن الإمام على بن أبى طالب وفاطمة الزهراء رضى الله عنهم.
وكان الإمام المهاجر من الزهاد ذا سيرة حميدة، وكان له في الوعظ لسان فصيح، وفي أواخر القرن الثالث الهجري كانت الدولة العباسية في العراق تمر بأزمات متوالية وما يعرف بنهاية العصر العباسي الأول وابتداء العصر العباسي الثاني وذلك من سنة 232هـ وحتى 334 هـ والذي بدأت خلاله دولة السلاجقة في الشمال بالظهور والاستيلاء على مناطق كانت تسيطر عليها الدولة العباسية، وكانت البصرة مهددة بهجمات القرامطة وكان الخليفة بلغ من الضعف عدم قدرته السيطرة على زمام الأمور فانتشرت الفوضى وضربا الفساد أرجاء العراق.
أما حضرموت فبسبب بُعدها عن مراكز الخلافة فكانت تعاني هي الأخرى من الثورات المتكررة وأيضا ردود فعل الخلفاء بين فترة وأخرى وإرسالهم للجيوش لإخضاعها فعانت بسبب ذلك من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.
خرج الإمام المهاجر من البصرة عام 317 هـ وقصد مدينة رسول الله، ومكث بها سنة ولم يتمكن من الحج في عامه ذاك لاضطراب الأمن بسبب فتنة القرامطة الذين هاجموا الحجاج واستباحوا مكة، مكث الإمام ومن معه بالمدينة المنورة والأخبار المؤسفة عن فتنة القرامطة تصله، حتى إذا هدأت الفتنة وأمكنته الفرصة حج ومن معه عام 318 هـ.
ويعتقد بأنه قد اتصل به بعض أهل حضرموت يدعونه للقدوم عليهم والاستقرار عندهم، بعد أنهى الإمام حجه ارتحل بمن معه يتنقل من بلاد إلى بلاد حتى وصل حضرموت في سنة 320 هـ، وكان ذلك أول تاريخ الإمام بحضرموت وأول بلد وصل إليها الإمام هي بلدة الجبيل التي حسن أهلها للإمام أحمد الهجرة إليهم وهى في وأدى دوعن الحضرمية وسكانها من أهل السنة وكلهم أعداء الأباضية المنشرين في ذلك الوقت في حضرموت، وأهل الجبيل من كندة والصدف. ولم تطل إقامة الإمام أحمد عندهم بل تحول إلى الهجرين بدوعن وأقام بها سنوات وملك فيها أرضا ونخيلا، ثم تركها ووهب ممتلكاته لبعض مواليه، ووصل قارة بنى جشير وأقام بها مدة وهى قرية قريبه من بور، ثم تحول إلى الحسيسه وهي أرض بها نخل على مدخل بور وأقام إلى أن توفي.
استطاع الإمام أحمد بقوة علمه وحجته الفقهية الصادقة ومجادلة الأباضية الذين كان يسيطرون على أجزاء واسعة من حضرموت والانتصار عليهم، وربما دخل في معارك معهم أحيانا كثيرة حتى استتب الأمر وانزاح الأباضية ناحية عمان، و في هذه المرحلة التف حول الأمام المهاجر أغلب القبائل الحضرمية ونصروه.
لقد اخترق الأمام المهاجر بذكائه الثاقب حجب المستقبل، واستشف الستار بنور بصيرته النافذة، فأرشده الله إلى الصواب، فجعل الله له من هجرته إلى حضرموت ثروة إشعاع و هداية للناس، كما هدى الله به أيضاً غلاة الخوارج، وكان للجميع علم هدايةٍ و نور طريقٍ القويم.
وقد أقام الإمام في الحسيسه (بين تريم وسيئون)، إلى أن توفي عام 345هـ ويوجد قبره الآن على سفح جبل إلى الجنوب من قرية بور وهو واضح للعيان للمار على الطريق الام الواصل بين تريم وسيئون، والحمدلله القائل في محكم بيناته {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا} (الأحزاب: 23) صدق الله العظيم.
ويقول علماء المسلمين الكبار العارفين بالله الحق الصمد العزيز الحكيم أن زيارة الأضرحة وأماكن القبور تعد وسيلة للاتّعاظ والعبرة، ولذا ركّز الحديث الوارد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) على هذه الفائدة للزيارة، حيث ورد قوله (صلى الله عليه وآله): "نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنّ فيها عبرة"، كما أنها تذكر بالآخرة والزهد في الدنيا، ولهذه الفائدة أشير في حديث روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو: "كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تزهد في الدنيا وتذكّر الآخرة"، وهي كذلك تنمي مشاعر الخير والعواطف النبيلة وحب الفضيلة، فقد ورد النص عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ليزيدكم زيارتها خيراً"، وفي حديث آخر: "... فزوروها فإنّه يرق القلب وتدمع العين وتذكّر الآخرة ولا تقولوا هجراً".
وروي عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: "ما من رجل يزور قبر حميمه فيسلّم عليه ويقعد عنده إلاّ ردّ عليه السلام وأنس به، حتّى يقوم من عنده"، وعن أبي هريرة أيضاً: أن النبي (صلى الله عليه وآله) أتى المقبرة، فقال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون"، وجاء عن بريدة أنه قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنّا إن شاء الله بكم لا حقون، نسأل الله لنا ولكم العافية"، وعن عائشة أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: "أمرني ربي أن آتي البقيع فاستغفر لهم، قلت: كيف أقول يا رسول الله؟ قال، قولي: (السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون".
وقد زار النبي (صلى الله عليه وآله) قبر اُمه فبكى وأبكى من حوله...ثمّ قال: "استأذنت ربي في أن أزور قبرها، فأذن لي، فزوروا القبور فإنّها تذكّركم الموت"، وروي أن عائشة قالت: إنّ رسول الله رخّص في زيارة القبور".
ويذكر أن العلّة في النهي المؤقت ترجع إلى أن المسلمين كانوا حديثي عهد بالإسلام، فكانوا ينوحون على قبور موتاهم نياحة باطلة تخرجهم من نطاق الشريعة، ولما تركّز الإسلام في قلوبهم وأنسوا بالشريعة والأحكام الإسلامية، ألغى النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك النهي عن زيارة القبور بأمر الله تعالى لما فيها من الآثار الحسنة والنتائج الطيبة.
ويستدل ابن تيمية على شرعية زيارة قبر أبي بكر وعمر بن الخطاب بزيارة ابن عمر لقبريهما، بقوله: السلام على أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب من جنس السلام على سائر القبور.
وكان ابن عمر يسلم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلى صاحبيه عند قدومه من السفر وكان يقول: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبه،ثم ينصرف. ومن ثم رأى من رأى من العلماء هذا جائزاً اقتداءً بالصحابة رضوان الله عليهم، إذاً من خلال الرؤية القرآنية والأحاديث الشريفة وسيرة المسلمين، تثبت مشروعية زيارة قبور المؤمنين بشكل عام.
|