لحج نيوز/كتب:عزيز النويهي -
أظهر اللواء علي محسن الأحمر مهارات عالية في التعامل مع ملف الأزمة اليمنية بأشهرها الثمانية وبرز كأحد أهم اللاعبين الرئيسيين في الساحة إن لم يكن الوحيد بين زعماء المعارضة الممسك بخيوط اللعبة وتفاصيلها المهمة والمعقدة.
ولأن معيار القوة يعد المحدد الرئيس لأي نتائج قد تفرزها المداولات المرتبطة بالقضية المثارة, فاللواء الأحمر هو من يملك ثاني أكبر قوة عسكرية بعد النظام حيث انشق مع وحدات من قوات الجيش النظامية التي تتبعه عسكريا وهو من يقرر نيابة عن المناهضين للنظام مصير أي جهد دولي أو محلي يستهدف إنهاء الأزمة وبحث مخارج لتجاوزها.
فليس بمقدور أحزاب المعارضة التي ينتمي اللواء علي محسن الأحمر إلى أكبرها نفوذا ووجودا هو حزب الإصلاح أن تتخذ قرارا دون أن يكون هو شريك فاعل في مناقشة معطيات هذا القرار وحيثيات اتخاذه حتى إن رفضه منفردا وأحيانا إلى جواره الشيخ حميد الأحمر يعد بمثابة فيتو ضد أي تحرك أو تجاوب من قبل المعارضة مع أي مبادرة أو مقترح يقدم من خارج اليمن أو داخلها لحل الأزمة والخروج من نفق الثورة الذي تحول إلى متاهة تبدأ وتنتهي على طاولة اللواء علي محسن الأحمر.
ويحسب للواء الأحمر انه أسهم بصورة رئيسة في إطالة عمر النظام وعمر الثورة وعمر الأزمة وأصبح عبئا ثقيلا على الشباب الذين خرجوا إلى الساحات قبل ثمانية أشهر ينشدون واقعا جديدا ليس في تفاصيله علي محسن الأحمر ورموز النظام الذين شاركهم اللواء النفوذ والتجارة والثروة.
اللواء علي محسن الأحمر أطال عمر الأزمة الحالية وأسهم بصورة مركزية في تشكيل المواقف تجاه مساعي الحلول والمبادرات طوال أشهر الأزمة الفائتة وتظهر يوميات الأزمة دورا محوريا للواء الأحمر عمل فيه على إحباط أي تسوية سياسية من شأنها إنهاء حالة الاحتقان وإزالة أسباب التوتر في كل أنحاء اليمن من خلال تدخلاته العسكرية ومخططاته القاتلة والتي لم تعد بحاجة الى استقراء أو تفكيك لفهم مغازيها..
قبل جمعة ما يسمى بالكرامة والتي سقط فيها عدد كبير من الشباب برصاص قناصة لم يعرف حتى اللحظة من يقف ورائهم كانت المملكة العربية السعودية على وشك تقديم مبادرة لحل الأزمة التي كانت حينها في مهدها يصاحب هذه المبادرة حسب مصادر تحدثت حينها امتيازات اقتصادية كبيرة من بينها تكفل المملكة بدفع ميزانية لتوظيف عدد كبير من خريجي الجامعات الى حين تعافي الاقتصاد اليمني الذي سيحظى أيضا بحسب المبادرة بدعم خليجي مقرون بإصلاحات هيكلية ستشرف عليها المؤسسات الدولية.
ورغم أن الرئيس صالح اتهم من يقف وراء المذبحة بإحباط المبادرة السعودية إلا أنه لم يكشف عن مضامينها حينذاك كون وقع الجريمة كان أشد من أي رغبة في سرد التفاصيل.
بعد مذبحة الكرامة بأيام قلائل أعلن اللواء علي محسن الأحمر تمرده على المؤسسة العسكرية مع مجموعة من أتباعه في السلك الدبلوماسي والجيش والمؤسسات الحكومية لتدخل البلد منعطف جديد ويسدل الستار على المبادرة السعودية وهو ما كان يسعى إليه الأحمر اللواء.
وأخذت الأحداث تتسارع بالتوازي مع جهود دولية حثيثة بذلها دبلوماسيين غربيين وخليجيين لمنع أي تدهور للوضع في اليمن في حين اللواء علي محسن الأحمر يعمل وفق أجندته الخاصة لإزاحة النظام وإفشال أي تسوية من شأنها أن تبقى على توازن داخل البيت اليمني سيفقده حلم التفرد بمرحلة ما بعد الرئيس صالح كونه وحزبه الإصلاح والقوى التقليدية القبلية والدينية المساندة له البديل الأوفر حظا لاعتبارات الوجود والقوة.
وقبل إعلان دول مجلس التعاون عن المبادرة الخليجية كانت هناك محاولات لجهات داخلية وخارجية تستهدف حل الأزمة وكان اللواء علي محسن هو صاحب القول الفصل في رفض هذه المقترحات والتي لو أخذ بإحداها لما وصلت البلاد الى حالة الفوضى التي تعيشها اليوم.
المبادرة الخليجية كانت طريقا مناسبا لإخراج اليمن من محنته العسيرة وقبل بها النظام والمعارضة بعد تعديل طلبته المعارضة وبعد أن تم الاتفاق على موعد للتوقيع على المبادرة وتحديد القصر الجمهوري مكانا لحضور المعارضة والحزب الحاكم وممثلي السلك الدبلوماسي المعنيين بالأزمة كان علي محسن هو من رفض ذهاب قادة المعارضة إلى القصر الجمهوري لأنه يخشى على حياتهم في حين هو غير موافق على المبادرة بنصوصها التي لا تمكنه من إزاحة النظام بصورة كاملة.
وبعد أن اشترط الرئيس صالح حضور المعارضة إلى القصر للتوقيع على المبادرة واكتفى بتوقيع قادة حزبه الحاكم حصل اللواء الأحمر على ما أراد لكنه فطن إلى ما هو أبشع من ذلك حين علم أن وزيري خارجية السعودية والإمارات سعود الفيصل وعبدالله بن زايد سيصلان إلى صنعاء وسيوقع الرئيس على المبادرة فكانت جريمة مسجد النهدين.
الجريمة وقعت قبل أيام قلائل من وصول الفيصل وبن زايد إلى صنعاء ليكتب اللواء الأحمر فصلا جديدا من فصول الأزمة اليمنية ويغادر الرئيس وكبار قادة الدولة إلى مشافي المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج جراء إصابتهم في الهجوم على الرئاسة ويكون الأحمر قد أفشل محاولة أخرى لحل الأزمة واقتنص مساحة زمنية رأى أنها قد تمكنه من خلط الأوراق وفرض وقائع على الأرض ستمكنه من تحقيق ما يصبو إليه.
آخر تحركات اللواء الأحمر لإفشال جهود التسوية السياسية كان الشهر الجاري بعد أن فوض الرئيس علي عبدالله صالح نائبه عبدربه منصور هادي بإدارة حوار مع المعارضة يفضي إلى إجراء انتخابات مبكرة والتوقيع على آلية تنفيذ المبادرة الخليجية حيث عمد إلى اختراع الحسم الثوري لقطع الطريق على الجهود الدولية التي ساندت التفويض وخصوصا الموقف الأمريكي الذي بشر بانفراج الأزمة اليمنية خلال أسبوع واحد.
علي محسن زج الشباب في مغامرة مجنونة ليسقط عدد كبير منهم برصاص مجهولين كما هو حال جمعة الكرامة ليستغل هذه الجريمة لشن حرب عبثية تمددت من جولة كنتاكي في الزبيري لتشمل غالبية المساحة التي تسيطر عليها قواته في العاصمة صنعاء ويذيق سكان الأحياء الواقعة تحت سيطرته مرارة الخوف والرعب والدمار.
الحكاية لم تكتمل بعد وقد يكون اللواء الأحمر أنهى فصول جديدة منها بعد أن رفض دعوة نائب رئيس الجمهورية لوقف إطلاق النار ودعوة الرئيس إلى هدنة وإفساح المجال للحوار عقب عودته الجمعة من الرياض إلى اليمن.
القناص علي محسن الأحمر نجح في تصيد تسويات ومبادرات عديدة وعمل على إفشالها بأسلوبه الخاص وطريقته الفريدة في إشعال الحروب والأزمات كيف وهو مهندس ستة حروب اكتوت بنارها محافظة صعدة والى جوارها عمران وصنعاء ليصل كرمه الحاتمي اليوم إلى محافظة تعز عاصمة المدينة في اليمن ويحولها بعبقريته الفذة إلى ساحة حرب طرفها ميليشيات خرجت من رحم الفرقة الأولى مدرع وتنظيم الإخوان المسلمين التنظيم الذي يقود هو جناحه في اليمن.
السؤال الذي يفرض نفسه اليوم هو: إلى متى يبقى اللواء علي محسن الأحمر صانع الحرب ومهدد للأمن وناشر للرعب؟ ولماذا لا تخلع عنه المعارضة والشباب جلباب الثورة الذي ألبس البلد بفضله واقعا لم يعد الملايين بمن فيهم أنصاره قادرون على التعايش مع يومياته؟!!
اخبار اليمن