الجمعة, 05-أبريل-2013
لحج نيوز - منير أحمد قائد بقلم/ منير أحمد قائد -
مع بداية تفجر الأزمة السياسية اليمنية مطلع عام 2011م دخل ضمن تناولات بعض مكونات المشهد السياسي دور الشباب من منظور الفعل السياسي في ظل واقع مجتمعي ووطني تراكمت فيه المشكلات والأزمات والتحديات، بعضها منذ أزمان بعيدة وأخرى متوالدة حديثاً تباعاً ولها أسبابها الموضوعية والذاتية وتشمل معظم الأصعدة الحياتية ومختلف الجوانب الوطنية اجتماعياً، اقتصادياً، ثقافياً، فكرياً، دينياً، تنموياً، وغيرها وهي كثيرة، وبرز في هذا المشهد عنوان الثورة الشبابية السلمية

وحينها شدني العنوان المعبر عن فعل شبابي وكتبت عدداً من المقالات منذ اللحظة الأولى للأزمة وحتى ما وصلت إليها تطوراتها عن خارطة الصعوبات والمعوقات أمام هذا الفعل وإن كنت أنتمي إليه وأراه يعبر عن مكنوني ورأيت فيه كنتاج لإسهامات فكرية وثقافية بشرت به منذ سنوات ومنها إسهام متواضع من كاتب هذه التناولة من خلال الكثير من المقالات والكتابات الفكرية والسياسية المنشورة لي على مدى 17 عاماً تناولت في جزء كبير من مضامينها قراءات لدور الجيل الجديد واجتهدت في تقديم تأصيل لمفهومه من وجهة نظري المستوحاة من الواقع الذي أنتمي إليه وكون الإنسان ابن واقعه فقد اتسمت هذه الكتابات بطابعين تأملي استشرافي وواقعي، وحاولت باستمرار المواءمة بين الاتجاهين حتى لا ينظر إليها بأنها لا تنتمي للواقع الذي أنتمي إليه رغم إيماني أنها تعبر عن عمقه وصميمه وقد ظل محاصرا بالشكل الكلي الطاغي فيه واكتشفت بعلاقتي العميقة فيه وانتمائي إليه أنه واقع ثوري محاط بعوامل وكوابح عدم إنضاج الفعل الثوري الجمعي الجديد والكبير سلمياً وظللت أبشر به وأؤمن أنه قادم لا محالة ورسمت عناوين متدرجة لما أحلم به للواقع من خلال إنتاج فكري إبداعي استنسخ على مدى سنوات معدودة بغزارة ونوعية لما يعتمل للعقل الباطن دون أن أقيده وإخضاعه للرقيب الذاتي حتى ارتسم فيما كتبته على مدى تلك السنوات ما أعتبره إسهاماً في التعبير عن المشروع الوطني الإنساني الحضاري الجديد لليمن لأني في غالبية كتاباتي خاطبت الإنسان أينما يوجد بنبض انتمائي لليمن وخصوصية تأثير بيئيته على تفكيري وعندما تناولت الجيل الجديد والتبشير بدوره القادم حتمياً لم اقتصاره على فئة عمرية محددة وإنما قصدت به العقلية والفكر الجديد وفئة الشباب هم الأساس والمحور في إنجاز الجديد من رحم القديم وهم صناع التجديد متى ما انطلق تنفيذ مشروعهم الوطني، وعلى أساس ماسبق نحتاج إلى رؤية متأصلة للشباب ودورهم المأمول بالوطن وبناء مستقبله المنشود بعيداً عن استمرار استخدام المصطلح والتعاطي مع موقعهم ودورهم الجمعي الوطني في إطار التنازع وطغيان الغموض والضبابية عليه الذي يجعلهم مجددا الضحية وخاصة المعبر عنهم في الفعل المجتمعي والوطني لهم بكل مكوناته في الواقع،فكيف يجب أن تفهم وتتعاطى كل القوى السياسية مع مصطلح الشباب سياسياً وقد غدا ساطعاً في المشهد السياسي.
إن الشباب هم في أي مجتمع فئة عمرية في تركيبة سكانه بحسب العمر من الجنسين مقابل فئة الأطفال وكبار السن وتتميز فئة الشباب بأنها القادرة على الإنتاج والعمل في كل ميادينه إذا توفرت المقومات والفرص لذلك وعندما تكون نسبة هذه الفئة هي الأعلى من نسبة السكان في أي مجتمع يوصف بأنه مجتمع شاب ويقع على عاتقه والدولة فيه استثمار وتوظيف وتفجير كل الطاقات للشباب،لذلك في واقعنا اليمني لايوجد كيان تأطيري تنظيمي وطني يتأطر فيه كل المنتمين لهذه الفئة وإذا وجد فإنه يضم عدداً محدوداً من الشباب ينتمون إليها ويضم كل كيان عدداً قليلاً منهم ملتقين حول أهداف محددة يعملون على تحقيقها،وتوجد ضمن هيكلة الدولة جهة معنية بالشباب من منظور وظائف الدولة في المجتمع هي وزارة الشباب لكنها تظل مرتبطة بحجم الإمكانيات المخصصة لها في الميزانية العامة ويتوقف نجاح دورها باستمرار على مستوى كفاءة أدائها والمؤسسات التابعة لها والمشرفة عليها ليلتمس أثر ذلك كل الشباب في مخرجاتها فيما يتعلق برعايتهم ودورهم وتأهيلهم وحاضرهم ومستقبلهم، كما أنهم يتوزعون من حيث الجنس إلى ذكور وإناث، ومن حيث القدرات والكفاءات والقدرة على مزاولة أي نوع من العمل،ومن حيث الانتماء للمحافظات والانتماء السياسي والحزبي ولكل شرائح ومكونات المجتمع بكل أنواعها، وبواقعهم كفئة عمرية يتوزعون على كل هذه الشرائح والمكونات والانتماءات، ومع ذلك أنشد المجتمع لسطوع مصطلح الشباب في الخطاب السياسي وقدم له فعلاً منسوباً إلى الشباب والدعوة لسير المجتمع خلفه وهذا مبعث فخر واعتزاز للمجتمع لأنهم قوته وبناة مستقبله والرافدون له بتواصل وتزايد وتعويض القدرات والعطاء في كل المجالات الحياتية للمجتمع، وفي ظل تراكم معاناة الشباب ووعيهم الجمعي العميق لمسؤولياتهم ودورهم وفق معالم طريق واضحة لتحقيق الطموحات والآمال، فقد يلتقطون لحظة مواتية في واقعهم الكلي ويقومون بفعل مدروس وجامع لهم لتغييره إلى الأفضل بوتيرة عالية باكتشافهم من الواقع عوامل جديدة باستمرار لضمان تواصل الوتيرة بدون معوقات وإمساكهم من خلال فعلهم بهذه العوامل، لذلك أثق وأنتمي لفعل ثوري شبابي نقي وصادق ونظيف تحرك في صميم الواقع والحراك الصراعي في المشهد السياسي والمجتمعي ولكنه لم يستطع النفوذ من وسط مكونات خارطة البنى المسيطرة والمتحكمة بالواقع المجتمعي لعوامل متداخلة ناتجة عن أسباب متجددة تمتلك بعضها القدرة على استمرارها وإعادة إنتاج مبرراتها ولإدراك هذه المكونات أهمية هذا الفعل الذي سيتمكن في المستقبل من تمدد تأثيره وتواصل تطوره أعلنت بعض المكونات الانتماء لعنوان الفعل دون تبني ودعم نضوجه واستمراره ضمن مشروع وطني إنساني جديد وجامع لليمنيين وذهبت بعض هذه المكونات سياسياً تتنازع فيما بينها على أنها صانعة الفعل واحتكار عنوانه في إطار الصراع السياسي وخاصة على السلطة،ومع ما آلت إليه تطورات المشهد السياسي حتى اللحظة ظل الكثير من أبناء المجتمع يبحثون عن موقع وخارطة الفعل الثوري النقي والصادق والنظيف للشباب وقد طغى عنوانه في هذا المشهد بكل تفاعلاته المتواصلة ولم يسمح بنضوج واكتمال دائرة الفعل بطابعه الفكري المرتبط بالمستقبل الوطني،وقد غدا العنوان في المزاد بلا مضمون مجسد في الحراك السياسي العام لكن هذا الفعل وإن انفرزت شخصيته بشباب صادق وواعٍ ونقي ونظيف وظل ضمن نطاق تهميشي واستبعادي له في سياق الحركة الصراعية في المشهد، فقد التحمت هذه الشخصية في فاعلية كبيرة غير منظورة لحركة ثورية فكرية وسياسية واجتماعية وثقافية في كل المكونات المؤمنة بما عبر عنه الفعل وأصبح الحاضن المجتمعي أكثر اتساعاً في الواقع لها ضمن عنوان كبير تنتمي إليه هو المشروع الوطني الإنساني الحضاري الجديد بفكر وطني إنساني جديد وهذا المشروع هو الثورة الجذرية الشاملة الحقيقية القادمة المجددة للثورة اليمنية السبتمبرية الأكتوبرية بأهدافها وغاياتها الإنسانية الكبرى المتجددة،ثورة كل الشباب اليمني بإعلاء انتمائهم لليمن الإنساني الكبير المتجاوز لكل الانتماءات الصغيرة أياً كان نوعها، ونرى بمؤتمر الحوار الوطني الشامل محطة مفصلية وهامة سيسهم بنتائجه المأمولة بشكل كبير بتحقق إنجازات ونجاحات كبيرة تصب في انتصار المشروع الذي يلتف حوله كل الخيرين من أبناء اليمن، لذلك فإن سطوع عنوان الشباب سياسياً في المشهد الوطني العام في هذه المرحلة ينبغي فهمه وقراءته بعمق دلالاته الشاملة وطنيا وإنسانياً التي تحمل سر العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل، كون الشباب تمت تنشئتهم على ثقافة الهوية والوجود والتاريخ الإنساني للوطن وهم القوة الأساسية للحاضر والمستقبل وهم حاملو الطموحات والأحلام الكبيرة لليمن، فينبغي لضمان قوة فعلهم المتواصل المحرك والموجه لحركة التغيير الشامل أن يتحصنوا بقداسة الانتماء الوطني الإنساني ويتجاوزون أي انتماءات لما قبله يغذي الكثير منهم أنها الخيارات الكبيرة لهم حاضراً ومستقبلاً، لأنه مع تقديري للكثير من الشباب الواعين كلياً لانتمائهم الوطني الإنساني فإن كل الشباب اليمني من حيث يدري غالبيتهم أو لا يدرون هم بما هو مأمول منهم وواجب عليهم في صميم المشروع الوطني الإنساني الحضاري الجديد لليمن وهو الأساس والقاعدة المتينة لانطلاقة مشروع إنساني تاريخي وعظيم بل الأعظم بتاريخ البشرية لكل المجتمع الإنساني بقوة الفكر وتسخير الطاقات الفكرية النورانية لصالح خير كل أبنائه، وهو مشروع أنتجته حقائق الوجود الإنساني التي ظلت مغيبة ولن ينتصر للبشرية بدون التسليم بها وتمكنها من التعبير عن وجودها في جذورها وأصولها ومنابعها الذي يعني العودة للحق والانتصار له لتلتقي جميعها في حقيقة وحدة الهوية الإنسانية وموطنها الأول بما سيحتم عليه من تحمل دور إنساني جديد ومسؤوليات جسيمة فكرية وقيمية وأخلاقية لليمن في ظل دورة تاريخية جديدة للإنسانية،ستبرهن منذ ولوجها على سقوط وعدم صوابية مقولة نهاية التاريخ وحقيقة استمرار التاريخ، ولاشك أن هذا المشروع الإنساني الجديد سيمكن الأمة انطلاقاً من حقائقها التاريخية والجغرافية والإنسانية أن تقدم وتنجز حضارة إنسانية جديدة تتجاوز حدود العولمة الراهنة التي رسمت بمقولة نهاية التاريخ، ورغم أن الحضارة الإنسانية واحدة فإن الحضارة الإنسانية الراهنة والجديدة ليست نهاية العلم والابتكار بل إن مابعدها من حضارة إنسانية يصعب راهناً أن يستوعبها الكثير من الناس رغم ماهو متوفر لدى الإنسانية في القرآن الكريم من مداخل للسعي إلى الوصول بالإنجاز الإنساني ما قد توصف الآن بأنها معجزات يستحيل تحقيقها، لهذا أتمنى من كل الشباب اليمني وخاصة الذين يحملون الطموحات والآمال الكبيرة أن لايلتهون بما هو شكلي وآني في المشهد الوطني العام وما يظهره من مظاهر سلبية وانهزامية، وأن يعززوا وعيهم بالانتماء الوطني الإنساني ويطلقوا العنان لعقولهم للتخيل ورسم صور له في كل المناحي لواقع اليمن والأمة والمجتمع الإنساني لأن وعيهم بهذا الانتماء بكل مكوناته الشاملة سيمكنهم من اكتشاف دورهم وموقعهم وواجبهم في المشروع الوطني الإنساني الجديد لليمن وبالتالي المشروع الإنساني الجديد للمجتمع الإنساني ليتسم دوماً فعلهم بالنضوج والحكمة ورجاحة العقل والحرص على الوصول إلى الدور الإنساني الجديد لليمن بما يفرضه الوعي بالانتماء إليه من واجب ومسؤوليات، وهذا همُّ الشباب اليمني كما نراهم ويجب أن يروا أنفسهم ودورهم من عيون مستقبل اليمن الذي يناديهم بهويته الإنسانية ليبنوه ويحققوه باستمرار بالعقل والعلم والفكر الوطني الإنساني الجديد، وهذا هو الطريق الذي سيمضي فيه اليمن وستظهر معالمه أكثر على المدى القريب والمنظور ويستلهم منه مسارات إيجابية لحركة وفعل كل العالم والمجتمع الإنساني تجاه والعلاقة والتعامل معه، لقد وجد اليمن كبيراً في مقومات قوته الإنسانية منذ الأزل وسيظل كبيراً وتتجسد فيه حقيقته في الواقع الإنساني الكلي وإن ظل اليمن يعاني ويتحمل الظلم في كل مكونات وجوده نتيجة التغييب وطمس هذه الحقيقة من قبل العقل الشيطاني الجمعي حتى وقت قريب استعاد فيه اليمن وإن لم يعرف ذلك ما اختطف منه فعادت إليه إيذاناً بفتح مبين وكل ماله علاقة بحقائقه التي هي حقائق الوجود الإنساني.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 09-مايو-2025 الساعة: 10:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-25190.htm