الثلاثاء, 01-فبراير-2011
لحج نيوز - عمر سعيد العمودي لحج نيوز/بقلم:عمر سعيد العمودي -

عندما تتراءى لك الحقيقة أمام عينيك مجسمة على الأرض ترسم مأساة وطن و تجاعيد شعب غادرت محياة الفرحة و لتحل مكانها صنوف المآسي و الألآم فلا معنى حينها للجدل.
وعندما يدفع الموظف البسيط إيجار السكن و الكهرباء و الماء و الصحة و التعليم والصرف الصحي...الخ ونعفوها عن كبار القوم .

وعندما يحل العام الدراسي الجديد ويتيه الآباء و يتحيرون في زمن الغبن فيلبس الأبناء ثياب العام الفائت بصمت بل و تجمع أوراقه الصفراء في دفاتر جديدة .

وعندما يحل العيد و يتكرر الموقف لترى في أيام الزينة ممن تختلف ألوان و أشكال شراك نعليه بل و أزرار قميصه لتدرك حجم المأساة.

وعندما يقف الآلاف من مختلف الأعمار أيام رمضان المباركة على أعتاب الجمعيات الخيرية والمحسنين لتدرك حجم القضية أجل قضية الإنسان و المواطنة.

وعندما تزداد طولاً و عرضاً طوابير المتسولين على الأرصفة و محلات العبادة و الصرافة فلا معنى للغطرسة والاستعلاء.

وعندما يتمنى أحدهم لو انه مصاب بعاهة يسترزق بها لهول المعاناة.

وعندما ترى السواح يرمون بالنقود وسط المتسولون ثم يبدءون بتصوير العراك ليعتصر قلبك ألما لمشاهد مريعة.

وعندما تستشعر صغر حجمك أمام أقرانك من شعوب العالم حين تستوقف في مطار بلدك ذليلاُ بتهم الإرهاب!

وعندما تنتشر على الأرصفة بل وفي المحلات البضائع المنتهية الصلاحية و السيئة الخزن ليتعرض الشعب للإبادة البطيئة و لا يجد من يحرص عليه.

وعندما تتفشى الأمراض الخطيرة و لا يسأل أحد عن أسبابها و مصدرها.

وعندما تنتشر الأدوية المهربة و توزع عيانا و لا رقيب.

وعندما تتناقل الأخبار أخطاء الطب الفظيعة و لا حسيب.

وعندما تتعطل معاملات الناس لتجد المسؤول آخر من يصل و أول من يغادر.

وعندما يكثر السماسرة و الوسطاء في المرافق الخدمية العامة.

وعندما تناط المهام لغير الأكفاء.

وعندما تقرأ على صدر مختلف الصحف مناشدات لشخص الرئيس بالتدخل لرفع الظلم لتدرك ضعف القضاء و استباحة القانون.

وعندما تذرف دموعاً و أنت ترى ذلك الكهل أمام البريد ينتظر لساعات لاستلام مرتبة الزهيد ثم يقال له لم يصل بعد.

وعندما يفقد العزيز معيله ثم لا يجد من يسأل عنه.

وعندما يعبث ذاك النفر بحق الطريق تسود الفوضى .

وعندما تتسع الهوة فيزداد أهل الغنى غناً وبطراً و يزداد أهل الفقر فقراً و شقاء.

و عندما يستأثر أبناء ذاك النفر بالمنح و البعثات التعليمية إلى الخارج لتموت الأحلام والآمال لأبناء الفقراء كمداً مئات المرات.

وعندما لا يجد الشباب ملاذاً يستوعبهم و ينمي أفكارهم و مواهبهم يصير الضياع.

وعندما تذم القيم و تتهاوى الأخلاق.

وعندما يستشري الغش و التحايل و بذاءة الكلام فالسلوك و لا تجد من يردعه.

وعندما يتم البسط على حقوق الغير بثقافة القوة تتكرر القضية.

وعندما لا يحاسب على الأخطاء و الفساد فيعبث الكبار بمقدرات الأمة تنهك الأوطان.

وعندما تعقد الندوات و الحلقات و النقاشات و تستنزف خزينة الدولة المليارات ثم لا يؤخذ بها.

وعندما تشكل لجان للعمل في مختلف القضايا ثم تنبثق عنها لجان ثم لجان و لجان لترى عن قرب حجم الاستخفاف بالوطن و الإنسان.

و عندما يواصل العلم عده التنازلي و تتكسر الكراسي و الطاولات في الفصول الدراسية كالأحلام ثم نتحدث عن الطاقة النووية و الفضاء.

وعندما تتباهى الأمم و الشعوب بعدد العلماء و الفنيين لديها و نتحدث نحن عن تفشي الأمية.

وعندما تتحدث الأمم و الشعوب عن ارتفاع مستوى الدخل لديها و نتحدث نحن عن ارتفاع مستوى الفقر و الجريمة.

وعندما تتحدث الأمم و الشعوب عن خطط و استراتيجيات لمواجهة المستقبل و تحدياته نعدد نحن مزايا القات و أسمائه و صفاته.

وعندما يتم إنتاج الجهل و التخلف بل و إعادة إنتاجه لينوح الوطن صغر أبنائه حين ينحصر الولاء في الفرد و الشيخ و القبيلة.

وعندما يضيق أفق التفكير فلا يتسع لغير رأي الفرد تتجمد الآراء تحت جليد السلطان.

وعندما تنعدم الرؤى يحتضر الفكر و تتكسر الأقلام الحرة و تخفت أضواء المسارح و دور الإبداع و الأدب و الفن و التاريخ لتسوق الأشياء الهزيلة.

وعندما ........ و عندما يسدل الليل ستارة لا بد من بزوغ الفجر.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 05-مايو-2025 الساعة: 01:29 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-11550.htm