لحج نيوز/بقلم:مختار عبد الغني الصبري -
نحن دوماً ما نبيع ذاكرتنا بكذبة، ونسعى نحو تحقيق مصالحنا الشخصية وإن مارسنا فيها ديكتاتورينا، نحنُ أولاً وأخيراً لاندري ماذا نريد، نحن ففط نرسمُ حلماً، ونشد إزارنا للنوم، نبتلع الكثير من الثرثرة ونقذف بها في وجه الصمت، نعانق مطالبنا من باب التقليد حتى لانصبح امة لاتجيد صناعة حتى مشاعرها، كأبسط الأشياء التي لكل إنسان صناعتها دون أية عوائق.
الواقع الذي نعيشه يحمل الكثير من المغالطات، تبدأ أولها في لومنا المتكرر على النظام القائم، وكأن هذا النظام كان وليداً بذاته ولم نكن نحن الذين " من فُرط القات " كللنا مسيرته بالنجاح، نتذمر على ديكتاتوريته، ونحن نمارس ديكتاتوريتنا على الآخر الذين كان خطأه صادراً من حمارهـ الذي عُثر عليه سهواً في مزارعنا التي لا تتناسب إلا مع كذبتنا التي نبتاعها هنا وهناك بحجة أننا نود خدمة هذا الوطن، لاندرك بأننا جوعى إلا حين يلفظ النظام أنفاسه الأخيرة ليعلن عن جوع آخر، نكون حينها قد منحناه نحن تأشيرة للدخول من فرط ثرثرتنا التي تٌعبر تماماً عن الرضى، كل الإرهاقات تبدأ بإشاعة، فنجعلها حقيقة تعشعش بمخالبها فينا.
حتى ثوراتنا لاتملك أي إيماناً حقيقي أو رسالة أكيده يتشاطر الجميع صلواتها ومعاناتها، كل مافي الأمر هو مجرد نوع من الصراخ الذي هو ليس سوى حلاً لتفريغ الشحنات التي بداخلنا بعدها تهدأ نفوسنا لنبدأ بشحننا من جديد، فالصراخ الغير مجدي لم يعد مغرياً ونتائجه تكون دوماً عكس مانريد، فإلى متى سنظل عاكفين على خداع أنفسنا وتظليلها..؟ ففي أحياناً كثيرة نشعر بأننا مسوؤلون عن إصلاح الكون، رغم أن هناك أحداث تختصر الكون بأكملهِ في حدث واحد، ونحن في سبات الدهشة التي يطول أمدها، وأحيانا كثيرة في سبات الإتكالية المفرطة في تحقيق استقرارنا لا أكثر دون مبالاة بالآخر الذي يعاني أشد المعاناة من كل ذلك.
وقد يؤسفنا أحياناً أننا لسنا من الذين يروجون للكرامة أو يجمع الناس ليخاطبهم عن الفساد أو يكرر كلاماً عظيماً، كما يحدث مراراً وتكراراً ليكون ذلك من باب مشاركتنا المعاناة ولو من باب الحديث والسخط الكلامي المسيل للدموع، لكن للأسف لم يعد هناك مكاناً شاغراً يمنحنا أن نتحدث باسم الشعب كون ممارسة هذا الشي أصبح مغالطة للحقيقة لا أكثر، فالنظام يتحدث باسم الشعب، وهو يعي تماماً بأنهُ قد عمل إلى تقسيمه إلى شُعباً متفرقة من المآسي، أثقل كاهله حتى أصبح يمتلك مناعة تامة ضد سرطانه المستمر، وآخر يتحدث باسم الشعب ليحقق بذلك أهدافه الخاصة التي لأجلها يمارس وطنيته في وطن مذبوح حتى منهُ، والكثير منهم يخرج محتجاً باسم الشعب كي يصبح يوماً ما والياً عليهم، ليبيع معاناتهم بكذبة، ويختتم نضالهُ بشهائد التقدير وبعض الأوسمة التي غطت نافذته فلم يعد يرى حتى جاره مما يعاني، لذا توكل كرماً منك بفتح نافذتك وانظر لمن حولك شاطرهم ألمك ولملم فيهم قضيتكم، فهذا الوطن لايحتاج لثورات هو فقط يحتاج لرسالة صادقة يملئها الإيمان، بأن الألالم الكبيرة تبني الأمم العظيمة إذا وعت وتعلمت.