الجمعة, 22-أغسطس-2014
لحج نيوز - صالح السندي صالح السندي -
اتسم الخطاب السياسي لأنصار الله في الفترة الأخيرة بكثير من الوعي والحصافة والمرونه واللطافه وبطابع الحكمه والإتزان , بل وأثاراندهاش الوسط العربي بثراءة و بسرعة تطوره وتنامي قدرته السياسية الفذة الآخاذة لتناغمة مع الأحداث بروية ومنطق وتجييرها لصالحه بكل حنكة واقتدار, يبدوان تسليط الضوء على انصار الله كعامل قوة يفرض نفسه في المشهد اليمني بقوة ويعززمكانته بسلاسة ويوسع إنتشارة بهدؤ جعل من متابعته بديهة مطلقة وغريزة مشبعه بالفضول لمتابعي الشأن اليمني وواجب وطني للمتابع اليمني لجس نبض الأحداث واكتمال الصورة وقراءة المشهد بحذافيرة دون رتوش, ولدراسة الخطاب السياسي بنوع من الحيادية والوعي والقراءة الجادة في ظل ما يمر به اليمن من منعطفات وتقلبات عويصة , ورغم الصورة الباهتة التي يراد له ان تلتصق بهذا التيار الشعبي من أنه تيار فئوي طائفي سلالي ذو أهداف مشبوهة غامضة وبرامج سياسية مجهولة ذو نوايا وتوجهات خفيه إلا ان الحملة الاعلامية والاستهداف المقصود كان في صالحه واضاف الى رصيده و زخمه الكثير من الأنصار والموالين ودفع الكثيرين من أعلام وأقلام الفكر العربي الثقافي والسياسي لمتابعة تطور ونمو الحركة بكثير من الدهشة والغرابه والفضول إذ جعل التيار من الخطاب السياسي لغة تواصل عصرية فريدة تعكس مدى ما توصل اليه من نمو وتطور ملحوظ في الخبره والمهارة والأداء بل والإحترافية السياسية والمهنية العالية, وشدّ من الأنظار اليه باهتمام بالغ وجعل قراءة الواقع اكثر ممكناً من ذي قبل تجاه ما يمر به الوطن من مفترقات طرق كان للخطاب السياسي والإعلامي لأنصار الله الدور الأبرز في لف عجلة الوطن وفك شفرة الأحداث وتفسيرها بل وفضح اغلب المؤامرت والمكائد وصيدها واحباطها قبل وقوعها, ماساهم في التوعية والتنمية البشرية الهادفة وخلق مع الأقطاب الأخرى توازناً خلّاقاً اضافت الى المشهد الكثير من الاستقرار وامكانية التوافق -بل وإن تحقق-المنافسة الشريفة في اطارالدولة الواحدة والشراكة الوطنية الحقّة.
ظهر جلياً في خطابات السيد عبدالملك الحوثي وهو يعطي خطاباً سياسياً بليغاً أقل ما يقال عنه انه يقدم للغير دروساً سياسية في (فن السياسة) والتعامل وأدبيات الحوار والتخاطب بعقلانية وفتح أفاق جديدة من أساليب التبادل المعرفي والتوعوي والمبارزة الظاهرة في حلبة الصراع وساحة الميدان اللغوي والنحوي البليغ وأضاف اليها نوعاً فذاً جديداً من الحماسة والبلاغة اللغوية ونكهة خاصة من الشعور بالمسؤولية واستغلال الالفاظ والمصطلحات الدامغة لإيصال الرسائل مباشرة ودون مواراة أو محاباة, ربما كان لتأثير النشأه العلمية والأدبية فيها الشئ الكثير من اضافة مفردات أدبية نحوية انصهر فيها التراث الأدبي بطابع إسلامي مع التحديث والإبداع في مجسمة واحدة معبرة عن حال الملايين سهلة الوصول الى العقول والأفئدة دون حواجز او قيود وبلغة يفهمها الجميع وكما هو الحال في ذات الوقت رسائل وسهام نارية للحكومة تدرك عواقبها الوخيمة جيدا وتستطيع قراءة مابين سطورها.
وليس كما كان عليه الخطاب السياسي في اليمن ولمدى عقوداً خطاباً جافاً رتيباً مملاً مسهباً على ذات الإسلوب والمنوال من الرتابة في إعادة صياغة البيانات والخطابات التي تبدووكأنها تكراراً مملاً ولوناً واحداً حينما يتم دمجها ايضا بعبارات تقليدية جافة و شعارات جوفاء -او ما شابه- ذلك مما كان عليه منذ خمسينات القرن الماضي في مواجهة المستعمر لم تتغير الى الاندماج العملي والتعبير عن لسان حال العامة ولمس معاناتهم والتعبيرعن همومهم وآمالهم.
ربما الخطاب السياسي المتألق صهرته الحروب و الصراعات وزادت من تألقة الصعاب وجاء خلاصة موجات العنف القاسية التي واجهها المكون على مدى عقد ويزيد من الزمان منحته الخبرة الكافية والصمود اللازم وصقلت معدنه ليبدو اكثر تألقا وأكثر تفنناً وايقاعاً وتأثيراً في تعامله مع الخطاب المضاد ومجاراة الأحداث بل وقيادة دفّة وعجلة السياسة اليمنية بكل ثقة واقتدار ولا يخلو أبدا من الذكاء المستفيض والفطنة والدهاء في قراءة مجمل واقعية الأحداث لفتت انتباه اكثر المتابعين العرب كما عبرعنها المفكر السياسي فيصل الجلّول في مقابلته على قناة فرانس24 يتحدث عنها بإسهاب شديد وبكل تقدير واحترام بالغ, ما أسند الى ذلك ان الخطاب أتى موحداً متناسقاً متكافئاً مع بقية المكونات القيادية للتيار ويصبّ في ذات الاتجاه ويخدم أهدافه دون تصادم أو تضاد في التصريحات يعطي انطباعاً بالغاً عن القدرة التنظيمة العالية ووحدة التنظيم والقيادة وانفراد المصدر والتضامن والتكاتف على ارضية وقاعدة صلبة ويضفي ارتياحا عاماً لحسن النوايا.
الخطاب ولأول مرة في تأريخ شعوب المنطقة يفتتح مدرسة جديدة في (فن التعامل الثلاثي المتبادل) مع الأطياف السياسية والنخب الحاكمة من جهه وبين بقية مكونات الشعب من جهة اخرى, فكان بمثابة حلقة وصل و دعامة في رقابة مشددة على عثرات وفساد النظام, بل ويمتد تأثريها الإسلامي في جعل قضايا الأمة في صدارته, وهنا يكمن مصدر القوة في الخطاب السياسيى انه جاء متواكباً مع مطالب الشعب بحياه كريمة ومن موضع قوة واقتدار وايضا متوازيا مع هموم و قضايا الأمّة افتقدت في المضمون اليها أغلب الحركات الإسلامية والسياسية بل والثورية في الوطن العربي -حيث أنه وكما جرت العادة- ان يكون اصحاب النفوذ هم ملّاك السلطة بمعادلة متبادلة جعلت الضعفاء دائماً خارج نطاق المعادلة النسبية وفي حيز التهميش والإقصاء وجاء الخطاب النخبوي الحاكم من النخبة وللنخبة بما فيه من مجاملات ورياء ولباقة متبادلة في إطار(النفاق السياسي) وتبادل المصالح الذي جرد السياسة من جوهرها و مفهومها الحقيقي واصبحت تحمل معان ومفاهيم متبدلّة حسب المصالح والرؤى و لا يعدو كونها مجرد تقسيم الموارد في المجتمع عن طريق السلطة كما عرفها (ديفيد إيستون) او كما نتجت عن الشيوعية بأنها دراسة العلاقات بين الطبقات أما الواقعيون الجدد فهي بالنسبة لهم (فنُ الممكن), وليس كماهو الخطأ الشائع بالخضوع للواقع السياسي وعدم تغييرة بناء على حسابات القوة والمصلحة, هنا فريق أنصارالله يصهر جميع هذه المعرفات بطريقة فذة مبتكرة ويقوم بيمننتها ويقدمها للجمهور في بوتقة واحدة على أن السياسة ماهي الا ثورة حقيقية ترتكز على مفهوم المقاومة والقوة معاً, وضرب مثالاً لتزاوج المقاومة والثورة والسياسة ويقدم بنظرته مفهوما مختلفاً رائداً ندر ان تكون هناك سلطة ما.. بقوة ما .. تجمع المعارضة وسلطة التغيير معاً في إطار مقاوم وحر.
في الطرف المقابل بدا الخطاب السياسي للسلطة مترنحاً خاوي الوفاض جافاً هشاً بائساً تقليدياً معدماً نتاج طبيعي حاصل للوضع السياسي المتخبط ويعكس صورته ويترجم حالته وكان اكثر عنفا وتشنجاً و يرقى الى مفهوم (الغباء السياسي) كما عرفه محمد توفيق في كتابه الفريد الغباء السياسي
’’النظم الغبية وحدها هي التي تستفز المتعايشين وتنقلهم إلى خانة الأعداء، فالنُّظم المستبدة رغم طغيانها فإنها تحاول أن تُحيِّد البسطاء ولا تستفزهم، بل إنها تلعب على مشاعرهم، وتسعى لاستمالتهم كي تستفيد منهم في أوقات الأزمات، وتحرص على تحقيق بعض المصالح الصغيرة للمتعايشين حتى تضمن ولاءهم وتَأمَن تقلُّبَهم’’.
هذا مالم تجيده حكومة الوفاق في تعاملها مع البسطاء والفقراء والمعدمين فكانت النتيجة الحتمية (ثورة الجياع) التي يشتعل بها الشارع اليمني وتهدد بقاء الحكومة بل وتسوقها مجبرة الى (صراع إرادات) في مواجهة الغضب الشعبي العارم, الكبر والعناد وعدم الرضوخ للإرادة الشعبية سيقودها الى الهلاك والإنتحار البطئ.
رسائل التطمين الأخيره في خطاب قائد التيار جاء صادماً للكثيرين ومطمئناً لعامة الشعب وأعطى درساً عظيماً في فن الرد والخطاب وكيفية التعامل مع هموم الشعب من موقع القوة و الدعوة الى عدم اراقة الدماء بل وسياسياً في فن الممكن في الحفاظ على الأرواح والممتلكات مع تحقيق الأهداف الثابته المعلنة التي لا حياد عنها بل والاستقطاب الشعبي بالحضور القوى والالتفاف المتصاعد وقدم نموذجا حياً وصارخاً في العلاقة الروحية بين الطبقات ممتزجة بالدعوة الى تقسيم موارد المجتمع والحفاظ عليها وأخذ بذلك دورالسلطة الحاكمه, ألا يمثل ذلك عمق مفاهيم السياسه مجتمعة في أبهى صورها وأجمل حليتها قام بسحب البساط من تحت قوى المعارضة وضيّع عليها كثير من الفرص وسد الثغرات.. هنا غاية الإبداع حينما تقرأ كيف يفكر عدوك –مجازاً- وماهي الخطوات التاليه التي يمكن أن يتبناها وتقوم بتعريته امام الجماهير بطريقة مخزية وتحرقة كلياً.
حينما نتحدث عن الخطاب السياسي لأنصار الله بشكل عام كان لكوكبة (حملة الرسالة) الوطنيين من الصحفيين والإعلاميين والكتّاب والمجلس السياسي الدور الرائد في نشأته و تكوين باكورته وهيكلة وصناعة نجمة حينما تخلى أولاً عن لغة العنف و التهديد واستخدام القوة وحينما دعا للتسامح والتصالح و وحدة الصف وبذا يقدم نموذجاً حياً لإنصهار القيم والتراث والدين في وعاء وإناء واحد وتجلي مفاهيم الإنسانية في لوحة رائعة كان ومازال الإنسان هدفها الأسمى.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 04-مايو-2024 الساعة: 02:39 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/news/news-29190.htm