لحج نيوز/تقرير : أسامه حسن ساري - تزامنا مع احتفال اليمن والعالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي صادف يوم الأحد الموافق خيمت على مديريات المحافظات الشمالية أجواء حزن وغضب قاتمة كادت تنذر باندلاع ظروف عسكرية دامية وغير محمودة العواقب بين جماعة الحوثي والسلطة ، إثر توارد أنباء كارثية من داخل المعتقلات اليمنية عن تعرض عشرات المواطنين المعتقلين على ذمة أحداث صعدة للضرب من قبل عناصر استخباراتية أمريكية منسوبة لما يسمونه " تنظيم قاعدة " وأيضاً حرمان المعتقلين من أبسط حقوق المواطنة وسوء المعاملة اللا إنسانية بتعريضهم للتجويع والحرمان من الدواء وتكبيل المرضى بالأغلال وتركهم يتعفنون في غياهب السجون إضافة إلى تعرض بعضهم للقتل بالرصاص الحي.. وعلمنا من مصادر موثوقة أن السيد عبدالملك الحوثي وجه رسالة تحذيرية إلى
السلطة يوم الاثنين الماضي طالب السلطة بسرعة نقل المعتقلين من سجن الأمن السياسي بصعدة إلى سجن قحزة المركزي في محافظة صعدة، ونقل المعتقلين المرضى والمصابين بجراح نتيجة الرصاص إلى مستشفى لتلقي العلاج والعناية الطبية ، وبما يمكنهم من تجاوز الأوضاع الجسدية الكارثية نتيجة الانتهاكات الصارخة والمنافية لكل القيم الأخلاقية التي تعرضوا لها داخل المعتقل، وطالب أيضاً بتسليم جثث القتلى والمتوفين نتيجة الحرمان من الرعاية الطبية أو نتيجة الضرب والتعذيب ، وإلا فإن على السلطة أن تتحمل عواقب أي إجراءات – قد تشمل الإجراءات الأمنية والعسكرية- تتخذها جماعة الحوثي لتحرير المعتقلين.. وذلك حسب المصدر..
وأكدت المصادر أن تحذيرات الحوثي للسلطة جاءت إثر قيام عناصر أمنية ومجاميع من مليشيات السلطة بالاعتداء على المعتقلين في سجن الأمن السياسي بصعدة ، بالضرب المبرح حتى تورمت أجسادهم ونزفت تحت وطأة الهراوات الأمنية المتوحشة ، ثم إطلاق الرصاص الحي عليهم بشكل عشوائي ما أدى إلى استشهاد أحد المعتقلين واسمه إبراهيم محمد الحمزي وإصابة ستة آخرين بجراح بليغة ،أربعة منهم إصاباتهم بالرصاص الحي ، وآخرون أصيبوا نتيجة الضرب بالعصي الحديدية.. وفي هذا الخصوص أصدر المكتب الإعلامي للسيد عبدالملك الحوثي ، بياناً صحفياً بتاريخ 3/ 12 / 2010م أنتقد فيه وحشية الممارسات الأمنية ضد المعتقلين ، مستغرباً تكرار هذه الممارسات اللإنسانية في ظل صمت وتجاهل منظمات المجتمع اليمني والمنظمات الحقوقية.. ونص البيان على أن "في الساعات الأولى لمساء يوم الاثنين الماضي تعرض معتقلون داخل سجن الأمن السياسي بصعدة لحالات تعذيب وحشية استخدم فيها جلاوزة السجن الأسلحة النارية وقد سُمع أصوات إطلاق الرصاص داخل مبنى السجن ، وأنباء عن سقوط قتلى من بين المعتقلين في هذه المجزرة الوحشية".. وأضاف البيان : "إننا أمام هذه الأعمال الإجرامية الوحشية التي ارتكبتها السلطة نذكر بما حدث سابقا في سجن قحزة عندما ارتكبت السلطة مجزرة داخل السجن في ديسمبر2005م وأطلقت الرصاص الحي وسقط إثرها سبعة شهداء وأربعين جريحاً..
وأكدت جماعة الحوثي في البيان أن المجزرة التي تعرض لها المعتقلون الأسبوع الماضي جاءت في وقت يتصاعد فيه العدوان بشكل كبير على المعتقلين وتتفاقم فيها حالتهم الصحية إلى حالة مأساوية داخل سجون يديرها وحوش تجردوا من القيم والأخلاق والآدمية – حسب البيان - مستخدمين مختلف وسائل التعذيب بين كل فترة وأخرى فمنهم من توفي داخل السجن متأثراً بالتعذيب ومنهم من توفي بسبب إصابتهم بأمراض خطيرة جراء التعذيب والإهمال المتعمد وعدم معالجتهم ورفض الإفراج عنهم لمعالجتهم خارج المعتقلات.
وقال البيان : " أن كثيراً من المعتقلين كسرت أياديهم وأقدامهم جراء التعذيب ومنهم من فقد عينية أو إحداهما وكثير منهم يعانون من مرض الكبد وفقر الدم وهشاشة العظام إلى غير ذلك من الأمراض التي تصيبهم داخل
معتقلات هذا النظام الظالم". موضحاً أن هناك أطفال داخل السجون منهم من قضى مراحل طفولته في المعتقل
وتجاوز الطفولة إلى الشباب في سجون تفتقر إلى أبسط معاني الرعاية للإنسان ويمارس فيها كل أنواع التعذيب في ظل صمت مريب وتجاهل مستمر من قبل المنظمات الإنسانية الحقوقية والمدنية .
وحمل الحوثي السلطة المسؤولية الكاملة عما نتج وينتج عنه مثل هذه الأعمال الإجرامية بحق المعتقلين والتي ترفض الإفراج عنهم حتى عن المرضى وكبار السن والأطفال في حالة إنسانية تعتبر استثنائية.. داعياً جميع
الجهات المعنية إلى النظر لهذه المعاناة المتفاقمة بحق المعتقلين في سجون هذه السلطة الظالمة والمطالبة بسرعة الكشف عن نتائج هذه المجزرة الوحشية التي ارتكبتها السلطة بحق المعتقلين داخل سجن الأمن السياسي بصعدة مساء يوم الاثنين..
السلطة تستجيب لتحذيرات جماعة الحوثي.
رغم تأكيدات المصادر بأن السلطة استجابت لتحذيرات جماعة الحوثي ، فأرسلت المصابين والمرضى للعلاج في مستشفى السلام السعودي بصعدة ، ونقلت بقية المعتقلين إلى سجن قحزة المركزي ، إلا أن مصدراً حوثياً وصف هذه الاستجابة بالمتأخرة جداً، وقلل من قيمتها على اعتبار أن المفترض على السلطة أن تلتزم الجانب الأخلاقي والإنساني في التعامل مع المعتقلين ،
علاوةً على ضرورة الإفراج عنهم تنفيذاً لشروط هدنة الحرب السادسة التي التزمت بها جماعة الحوثي ولم تنفذ منها السلطة شيئاَ يثبت حسن نواياها.. كما قال المصدر الحوثي أن المصابين ما والجرحى لازالوا مكبلين بالأغلال وإصاباتهم بليغة ومحتجزين في زنازين انفرادية حتى اللحظة داخل معتقل الأمن السياسي ولم يتم نقلهم إلى سجن قحزة والواضح أن ملف المعتقلين على ذمة أحداث صعدة كان حافلاً بالأحداث اللا إنسانية والجرائم والانتهاكات المتعارضة مع كافة القوانين والأعراف والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والتي تقضي بمنع وتجريم أي أذى جسدي أو نفساني يتعرض له المعتقلون والأسرى أو حرمانهم من حقوق المواطنة والتعليم والتغذية والرعاية الطبية تحت أي مبرر كان ، إذ لا مبرر لتحول الأقوياء أو النافذين إلى وحوش وجلادين للضعفاء والمغلوبين على أمرهم.. ففي الآونة الأخيرة أخذت قضية المعتقلين أبعاداً سياسية وعسكرية عرضتهم
لإجراءات تعسفية انتقامية ولا تراعي حرمة الإنسان ولا كرامته.. حيث صدر من المكتب الإعلامي للسيد عبدالملك الحوثي يوم الأحد الماضي الموافق 12/ ديسمبر الجاري بيان إعلامي اتهموا فيه السلطات اليمنية بإصرارها على استمرار اعتقال وتعذيب المعتقلين على ذمة الحرب .. وقال بأنهم يعيشون في وضع مأساوي وقد منعت الزيارة عنهم ورفضت معالجة المرضى و أن المعتقلين يلقون مصرعهم بين فترة وأخرى نتيجة التعذيب وسوء التغذية.
وأضاف بيان المكتب الإعلامي للحوثي أن الأجهزة الأمنية اليمنية قامت بتقييد مجموعة من المعتقلين داخل السجن السياسي بصنعاء وإدخال عناصر ما يسمى بالقاعدة للاعتداء عليهم بالضرب الشديد في صورة تكشف الانسلاخ من القيم والأخلاق البشرية وتؤكد مدى قدرة المعتدين لتنفيذ جرائمهم حتى بحق معتقلين في زنازن الأمن القومي والسياسي، ولا يملكون أي حول أو قوة إلا حول الله ورعايته.
وذكر البيان أسماء لأشخاص تعرضوا للتعذيب وهم :
1- "محمد عبد الله الكبير" تم تعذيبه حتى كسرت أنفه، وأغمي عليه ومن ثم تم تغييبه من السجن.
2- "محمد القاضي" كسرت يديه جراء التعذيب وتم تغييبه أيضاً من السجن.
وأضاف البيان : " كما يعاني السجين أحمد العصري في سجن قحزة في محافظة صعدة من تورم شديد في جسمه متأثراً بمرض الكبد الوبائي وترفض السلطة معالجته أو الإفراج عنه للعلاج وهو في حالة صحية حرجة للغاية.. وأن جسمه نتيجة المرض تعرض لقروح الفراش ويصدر منه الروائح النتنة بسبب الحرمان
المتعمد من العلاج. مشيرا إلى أن هناك العشرات ممن أصيبوا بمرض الكبد الوبائي جراء التعذيب وتوفوا متأثرين به ولم يفرج عنهم من السجن إلا شهداء.. وفي بيان آخر قال المكتب الإعلامي للحوثي أن جريمة انتهاك لحقوق الإنسان ارتكبتها أجهزة السلطة داخل سجن قحزة المركزي بمحافظة صعدة بحق أحد المسنين الشهيد/ علي شرف الدين عدلان والذي ناهز عمره (77) عاماً، والذي اعتقل في بداية الحرب السادسة عندما دخل إلى مستشفى السلام للعلاج بسبب إصابته بمرض القلب، ولم تشفع له معاناته الطويلة من مرض القلب في السماح
له بتلقي العلاج أثناء مكوثه في السجن ليتوفى فيما بعد. الجدير بالذكر أن سجون الأمن السياسي والقومي والمباحث الجنائية وعدد من أقسام الشرطة بصنعاء ومحافظات أخرى لا تزال تضم في زنازينها المئات من
أبناء صنعاء والمحافظات الشمالية تم اعتقالهم على خلفية الأحداث بصعدة والعديد منهم لا يزالون في السجون منذ أكثر من خمس سنوات.
تفاصيل من داخل زنازن سجن الأمن السياسي
ولتقصي حقائق الأحداث التي شهدها معتقل الأمن السياسي بصعدة حظينا بفرصة للتحدث هاتفياً مع أحد المعتقلين الذين تم نقلهم إلى سجن قحزة ، وأطلعنا المعتقل قاسم الطالبي على تفاصيل الحادثة قائلاً: "كنا ثلاثة عشر معتقلاً ، فتم تقسيمنا إلى مجموعتين ، مجموعتي تضم ستة معتقلين داخل زنازن في جناح منفرد.. وسبعة معتقلين آخرين في جناح مجاور داخل زنازن انفرادية..و بيننا جدار فاصل.. وقد كانت الزيارات ممنوعة على المعتقلين السابقين والجدد منذ أربع سنوات ، وكان أولياء أمورنا وأقاربنا يأتون لزيارتنا فيمنعهم الأمن من رؤيتنا ، فيتركون لنا الأطعمة والنقود والحلويات في مكتب الضابط ، لكن لم يكن يصلنا شيئاً من ذلك ، فقد كان ضابط السجن وعناصره يستولون على كل النقود والمستلزمات التي يتركها لنا الزوار..وطيلة السنوات الماضية كانوا يعاملوننا بطريقة وحشية وسيئة ويحرموننا من الرعاية الطبية ، ونادراً يستجيبون لنا إذا أبلغناهم أن بيننا مريض – وأكثر المرضى مصابين بالتهاب الكبد- فيأتون للأخذ المريض بعد يومين أو ثلاثة أيام لنقله إلى المستشفى وقد شارف على الموت.. عموماً كنا أعداداً كبيرة ، ولكن تم نقل بعضنا إلى سجن قحزة في فترات متفرقة.. وبقينا نحن الثلاثة عشر..
ويضيف الطالبي قائلاً : " زملاؤنا السبعة في الجناح المجاور قبل شهر استدعوا مدير الأمن السياسي يحي المراني فجاء إليهم وخاطبوه بخصوص الزيارات وأصروا على السماح بالزيارة لهم من أولياء الأمور فالتزم بفتح باب الزيارات..وكان يسمح بالزيارة كل يوم اثنين طيلة ثلاثة أسابيع ماضية.. في الأسبوع الرابع فوجئنا بمنع الزيارة فقاموا حيث انتظرنا وصول الزوار حتى الساعة 11 صباحاً ، ثم قام الإخوان في الجناح المجاور بالطرق على أبواب الزنازين الانفرادية و استدعوا آمر السجن فقال لهم : "الزيارة ممنوعة".. فوقفوا على الأبواب وظلوا يصرخون ويطرقونها حتى هبط إليهم ضابط آخر ولم يسمح لأحد بزيارتهم.. وفجأة وقت صلاة الظهر ، قطعوا الماء عنهم ولم يسموا لهم بالوضوء لأداء الصلاة ، ثم منعوا عنهم طعام الغداء .. الضابط سجل أسماء الخبرة وعرض عليهم الغداء ثم لم يأتيهم به.. ثم جاؤوا إلى عندنا في الجناح الثاني وغلقوا علينا الزنازين الانفرادية، والخبرة يطرقون البيبان حتى العصر.. وفي العصر جاءت ثلاثة أطقم مسلحة من الجيش وأطلقوا القنابل الغازية من السطح الزجاجي لجناح المعتقلين ثم قامت فرق مكافحة الشغب باقتحام الجناح وفتحوا أبواب الزنازين فخرج المعتقلون المختنقون جراء القنابل الغازية لتنشق الهواء في تشميسة السجن وكان أول خارج منهم هو إبراهيم محمد الحمزي ، وتلقوا وابلاً من الرصاص الحي ، أردى الحمزي شهيداً ، وتعرض أربعة آخرون لإصابات خطيرة ، وهم جمال منصور الفقيه من أبناء سفيان ، أصابته رصاصة في صدره وأخرى في بطنه ويرقد حالياً في غرفة الإنعاش بين الحياة والموت، عبدالملك الحملي مصاب برصاصتين في فخذه وأخرى أعلى جسده ، وآخر لم أتأكد من اسمه جيداً ، مصاب برصاصات في مناطق مختلفة في جسده.. وقال المصدر أن بقية المعتقلين إلى جانب المصابين تم إبراحهم ضرباً بالعصي الحديدية والهراوات الخشبية الثقيلة ، حتى كسروا ذراع المعتقل زيد المرتضى ، وشجوا رأس المعتقل وليد شايم ، وإصابة خطرة في رأس المعتقل عبدالمطلب اللبلوب ، والمعتقل علي الدعة تعرض لعدد من الإصابات الخطرة.. كما قال المصدر من داخل السجن أن المصابين تم نقلهم إلى المشفى لتلقي العلاج وهم مكبلين بالأغلال في أيديهم وأرجلهم رغم الكسور.. مشيراً إلى أن عناصر الأمن أعادت المصابين قبل المنتصف الأول من الليل إلى الجناح ، ورمت باثنين منهم في زنزانة انفرادية ليناما على البلاط وبدون أي أغطية وحرموهما من وجبة العشاء ، واثنان آخران قذفتهما عناصر الأمن إلى حجرة التشميسة ليقضيا فيها ليلتهما بلا طعام أو أغطية.. وفي آخر الليل تم نقل بعضهم إلى النيابة للتحقيق معهم دون مراعاة لوضعهم الصحي وإصاباتهم الحرجة..وجميع المصابين والجرحى تم إعادتهم إلى الجناح دون تحريرهم من الأغلال التي على أقدامهم وأذرعتهم ومازالوا على تلك الحال السيئة حتى اليوم.. وقال المصدر أن المعتقلين الذين تم نقلهم إلى سجن قحزة المركزي كانوا من جناح آخر وعددهم ستة معتقلين ، فيما تم الإبقاء على جميع المصابين والجرحى داخل معتقل الأمن السياسي حتى اللحظة.. وأكدت مصادر أمنية في محافظة صعدة - وأيضاً شهود عيان – أن مدير الأمن السياسي بالمحافظة يحي المراني ، كان هو رئيس لجنة التحقيق ، ويتلقى دائماً زيارات من السفارة الأمريكية إلى منزله وإلى السجن ، وقالت هذه المصادر أن مجزرة يوم الأحد الماضي كان هناك استعداد أمني مسبق لارتكابها ، حيث أن معتقل الأمن السياسي يجاوره ملعب لكرة القدم ، وقد قامت عناصر الأمن بإخلاء الملعب من اللاعبين في ذلك اليوم من قبل آذان الظهر ، ثم أغلقوا الزنازين الانفرادية على المعتقلين في الأجنحة الأخرى.. وعندما سألنا أحد المعتقلين الذين تم نقلهم إلى سجن قحزة عن ذلك ، أكد أنه لم يكن هناك أي مبرر لإطلاق النار ولا لإطلاق القنابل الغازية ، ولا أي مبرر لاحتجاز سائر المعتقلين في الأجنحة الأخرى داخل الزنازين الانفرادية ، حيث أن الشهيد والمصابين لم يغادروا مبنى السجن حتى يتم إطلاق النار عليهم ، وإنما غادروا زنازينهم إلى ساحة التشميسة وهي محكمة الإغلاق وليس لها أي منفذ إلا إلى داخل الجناح ، وكانت مغادرتهم إليها نتيجة الاختناقبالغاز ولغرض استنشاق هواء نقي. |