لحج نيوز - محمد عبدالاله العصار

الثلاثاء, 26-أبريل-2016
لحج نيوز -
في الذكرى السنوية الرابعة لرحيله
قصيدة (الــجــبــــال) كتبها قبل رحيله بسنوات لكنها تبدو كمحاكاه لواقع نعيشه اليوم وكأن الراحل الكبير يأبى إلا أن يظل حيا يقاسمنا اللحظات والاحداث التي رأها وشهدها قبل حدوثها..

الــجــبــــــــــــــال

للراحل الكبير/ محمد عبدالإله العصَّار

إذا خيرتني الجبال
سأختارها!

الجبال الصدى والقرى

والأماني التي قُتلت

والأماني التي قاتلتْ

الجبالُ إذا اشتد سيف العناد

وزلزلتِ الأرضُ زلزالها

حين لا تقصف الأرض آمالها

يوم تأتي الفراسةُ..

والخيل تعرف خيَّالها

الجبال صدىً وهُدى

فوق صدر الغيوم

وإن لم يكن أحدا

مدداً سيدي الجبل الحُرّ

يا سيدي مددا

وإذا ذكر المرء مثوى.

سيذكر بهوان... كحلان*

يذكر بعض صداقاته...

في الصخور النقوش

يذكر... صخراً... ونسراً

وكعب أبن عبهل...

يذكر تلك الصداقات

ولو صدفةً...

لا يجود الزمان

بأحوال ... أمثالها

إنه يتذكّر.. لا غير ذكرى له
..ليس غير التذكّر ذكرى له...

في الزمان الذي لا يُمَل..

وليس لهذا الزمان الأقل..

ويبكي.. ولو كان .. منذ البكاء الأزل..


إذ خيرتني الجبال سأختارها

ميمياء الحروف وحبر الحروب

خبرٌ غامضٌ في الأحاديثُ تنبيءُ أشلاؤها

عن تفاصيل أهوالها

إنما ولدٌ كم تفتت فوق الصخور

فؤاداً.. ولهواً وعمرا

ولدٌ ظلَّ يمشي نديّ الهوى

والطفولات تغمره والظلال وأشتات أخرى

وهي ذكرى الذي هام في كل ذكرى

الجبالُ تهيمُ على وجهها في فضاء الأبد

الجبالُ ستبكي وتحزن أمطارها

وتسير على الأرض أحجارها

وتُبلِّلُ بالنور أشجارها

تحت خلق السماوات.. عن لا .. أحد..

فهي تلك الجبال السماوات

والأرض.. والكون

والماء تجريه ما سار في الأرض سيِّارها..

إنها تلك شمس عطاء الجسد وهي تلك التي علمتك تقلِّم أظفارها

هي شمس فنائك.. ليلك أو في نهارك.. ضوء العيون

التي أنت والجبل الحر أنت

يا ميتاً تحتها .. وظلالك

ظلٌ لها يُشتفى من مروءته

إنَّها علمتك.. فأوفت..

هي مدرسة الأرض يوم لا أحد..
كِلمتّكْ
هي قبر حياتك.. عِلْم مماتك

جامعةٌ تحت سقف الغيوم

كتاب صفاتك.. من بدئك المستمر

وعلم حياتك ..

يا أيها الجبل المستمر..

لا تكن الجبل الذي كان

لا طور فيه..

ما أنزل الله من كلمات الحياة ولا كلمات الممات عليه

أيّها الرجلُ البدء لا تنتهي

أيّها الرجل الحرُ لا تمّحي

أنت أنزلت علياء نفسك

نحو الجبال إلى الأرض

أنت أسميت روحك

وأنت الذي أنت لا تمحّي في الدهور..

ولا تمحّي في القصور

أنت الذي يدك الآن

تمسك شمس الجبال..

وتقبض أرواحها بيديك

أنت الجبال تسير وتغدو

وتمشي ولا جبلٌ.. لا سماءٌ

ولا أرض إلاَّ إليك..

أنت لا تمحّي الكلمات

على روح سبورة الوقت دونك... إلاَّ إليك...

أنظر الصورة الآن

من رأس «مثوةَ»

من ذا تحدث أنت؟!

من غير «كامرة» الوقت أنت

فلا أنت ولا أنت أو لا سواك

افتح المكتب الحجري تأمل عِداك

وتخطو عداك

أفتح الباب... نحو الجبال

التي صورتك فآوتك عند جسر النسور

على السد صوّرت لو تكتب

الآن تلك الجبال التي خلقتك

وطيرَّت الروح نحوك أو صيَّرتك

أفتح الباب... وانظر

إلى نفسك الآن؟!

أنت لا تمحّي ... يوم تُمحى الجبال

فإن ساد ظلم الغيوم لا تمحَّي... ستسود عيونك

تظلم أشرعة الناس

لا تمحَّي أيُها الجبل الحر...
لا تمحي سيدي أبدا...

* مثوى وبهوان وكحلان: جبال شاهقة في المناطق الوسطى.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 06-ديسمبر-2024 الساعة: 11:01 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-33788.htm