السبت, 08-يونيو-2013
لحج نيوز - ماجدة غضبان المشلب لحج نيوز/ بقلم: ماجدة غضبان المشلب -
إحتف بالنزيف ، فحسب ، أيها الوطن ، فهو نهرك الثالث يساير دجلة و الفرات

الشؤم

الفجر الرابع يحوم حول جسده الصغير قرب تل من ازبال القرية
كمجموعة بالوانات تطير على غير هدى تبعتها عيناه..
اسراب من الزهر المنتشر بين الارض و السماء ، شلالات معلقة ، و قطرات مطر زرقاء اللون..
اعاد المكان الى مكانه و قد اعتلاه زغب الاطيار الملونة ، و الربيع المنتشي حيث يطيب للثواني المنتزعة من عجرفة زمن عجول ان تسترق النظر..

_لا تجحد النعمة
فوق قطعة الخبز التي ناولتها اياه العجوز تطاولت غابات من كائنات مجهرية ملونة اصبحت تجول في فم شره كحلوى لذيذة...
اقترب الفجر الثالث ، و امعاؤه يمزقها ناب الجوع ، لم يجد حتى ما يزدريه بؤساء القرية..
نظف البيوت و الاسطح ، تسوق و حمل على ظهره كل ما يودون ، نقل الازبال ، مسح الاحذية ، ازال الروث من الحظائر..
البصاق هو السفير الوحيد بينه و بين الاطفال الاخرين...
_يقولون ان اهله قد طاروا الى السماء..
_يقولون ان اجسادهم تبخرت..
_يقولون انه شؤم ، لو دخل بيت لمات احد فيه على الفور..
شرحت جثته في الطب العدلي..
دفن بكفن تبرع به احد وجهاء القرية..
الشائعات لم تتوقف حول وجوده و اختفائه الغريب..
_يقولون ان ليس هناك من قبر يجاور قبره..
_يقولون ان اهله قد طاروا الى السماء..
_يقولون ان اجسادهم تبخرت في انفجار في الكاظمية..
_حسبنا انه لن يدخل بيت احد بعد اليوم حاملا الشؤم الى القرية..

النعمان بن المنذر

تهامسوا سرا:-
_انه يوم البؤس!!
سحنته كسحنة قائد جيش مهزوم..
ذباب يحوم حول دم قد جف على فم السجين ، و ديدان تجول في بثرات هنا و هناك على جلده.
كان يرتدي سروالا داخليا معتما لا لون له..
انتابته الحيرة بين ان يشمئز من منظره المقرف و بين ان يحتفي بعذابه..
ركله مقهقها ، و تهاوى البدن كجدار خرب..
_انه لا يستجيب لما حوله ، هل اتيتني بسجين ابله؟
_سيدي هو من حكم عليه بالاعدام الآن..
_اظنه ينفع لأمر ما ، الاسماك جائعة..تنتظر
ليس من نسور في السماء ، و لا قرش في ماء البحيرة..
الصمت يطبق على المكان..
القائد يأكل سمكا شواه بيديه..
و السمك يتجمع حول فتات لحم بشري في بحيرة حمراء اللون.

هكذا هي البقايا

_هل جربت ان تكتب تحت سطوة الموسيقى؟؟
_لي اذن لأسمع اصوات الطبول.
_اكتب تحت صوت الطبول..جرب..ربما كان الأمر مسليا!!.
_اتظن ان في حوزتي قلم؟
_ ريشة و محبرة؟؟..
_لا غرفة لي ، فما بالك بترف ريشة و محبرة؟..
_اذن هو التراب و عود من الخشب..
_نسيت ان اعلمك اني اجهل الأبجدية..
_هل ستكتب لو منحتك مفاتيحها؟.
_يداي حصدتهما الحرب الاولى..
_اكتب بإبهام قدمك..
_قدماي؟؟..قطفتهما حرب اخرى.
_من انت؟؟.
_ لا شيء سوى ما تبقى من وطن كان.......

الى مجودة الطفلة

كنافذة بلا انتهاء ، تحطمت على ستارتي بقع الريح ، تجمعت آهاتها عند بوابة الاصغاء ، اسدلت كل شبق الضوء ليقيم النهار موسم النضوج ، اقعدت بين يديه تفاحات الصبا ، و قطيرات الندى..
كنافذة بلا إنتهاء..لازلت ارى نهارا يلي النهار ، و ما الليل الا إغماضة الاجفان بعض الزمن.
إيه..ايتها الطفلة المقيمة في دمعتي..في مقلتي حين يشق الحزن كل ثوب لأنين الفقدان..حين يلقي الصبر بجثمانه فوق صدري المفعم بالبوح..حين يكون لحنجرتي ملايين من الاصوات..
تمزقي اليوم  أيا حنجرة..الوادي ادنى السفوح لا يبارح فوضى الحروب..
إيه..يا صغيرتي..الكون لم يخلق وفق الوان فراشاتك و زهورك..عليك ان تتعلمي ان للشوك حصة من اقدام الرحيل..و ان الغناء كان طيفا في زحمة كوابيس...
افطمي الروح على الوان قوس قزح..و قسمات المغيبين
افطميها..و كوني كنافذة بلا انتهاء..يتحطم على ستارتها كل جبروت اعتقته الرياح..

[email protected]
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 25-أبريل-2024 الساعة: 10:07 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.lahjnews.net/ar/news-26325.htm