لحج نيوز/ تحقيق: صلاح صالح قعشه - تمثل ظاهرة التحرش الجنسي ظاهرة عالمية، إلا أن أسباباً عديدة من ضمنها العادات والتقاليد الاجتماعية الصارمة أدت إلى تزايدها في اليمن.. حول أسباب الظاهرة، مدى كفاءة النصوص القانونية تجاهها، آثارها، أداء وسائل الإعلام تجاهها.. كان هذا التحقيق.
تقول نادية وهي ممرضة في إحدى المستشفيات الحكومية بتعز: إنها تتعرض لنظرات غير بريئة من بعض زملائها، ومن بعض مرافقي المرضى، بل إن الحال يصل إلى التلفظ ببعض الكلمات النابية الخادشة للحياء.
أما رجاء، العاملة في مركز اتصالات فتوضح سماعها للكثير من الكلام الوقح، وعرض بعض الزبائن الالتقاء بها خارج مكان عملها.
وتشير إلى أنه لولا احتياج أسرتها للمبلغ الذي تتحصل عليه من عملها لكانت قد تركته.
خوف الضحية
نجلاء حسن وهي صحفية في إحدى الصحف المستقلة تشير بأصابع الاتهام نحو مجموعة من الأسباب التي ساعدت على توسع وانتشار ظاهرة التحرش، أبرزها خوف الضحية من الإدانة المجتمعية، ومن الإدانة في مكان عملها، ومن الإدانة في الشارع ما يوصلها إلى أن تلوذ بنفسها هرباً من الأمر كله، ومبتعدة حتى عن التقدم بشكوى بالمتحرش من أي قسم شرطه لانعدام الثقة بين الطرفين، وخشية من تعرضها للتحرش من أفراد الأجهزة الأمنية نفسها.
ليست صارمة
وتضيف: هناك نصوص قانونية تتعرض للتحرش الجنسي، ولكنها ليست صارمة بما فيه الكفاية، وما يقلل من صرامتها عدم تطبيقها، ففي الغالب يلوذ الجاني بالقبيلة أو بالعرف، أو تتفق الأطراف على عدم إثارة الموضوع ومعالجته من باب العيب الاجتماعي والخاسر الوحيد هو الضحية.
نصوص قانونية
رغم أن القانون اليمني تعرض للتحرش الجنسي إلا أنه لم يذكره بالاسم؛ وإنما بمسميات أو لإشارة أخرى، فهناك نص المادة “270” من قانون الجرائم والعقوبات والذي عرف هتك العرض بأنه كل فعل يطال جسم الإنسان أو يخدش الحياء يقع من شخص إلى آخر، وقرر عقوبة هذا الفعل بالحبس بمدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة، وهناك المادة “273” التي عرفت الفعل الفاضح بأنه كل فعل ينافي الآداب العامة أو يخدش الحياء، ومن ذلك التعري أو كشف العورة متعمداً أو القول أو الإشارة المخلة بالحياء والمنافية للآداب وجعل عقوبة الفعل الفاضح حبسا لمدة لا تزيد عن 6أشهر أو بالغرامة التي يقدرها القاضي.
قصور قانوني
ذلك ما قالته المحامية نبيلة المفتي ـ عضو مجلس النقابة العامة لنقابة المحامين اليمنيين والتي أضافت: ولكن الضرورة أصبحت تفرض التوسع بتعريف التحرش الجنسي حيث يوجد قصور من الناحية القانونية، فيجب أن يكون هناك تعريف قانوني لأنواع التحرش وعقوبات محددة لكل نوع.
حاجز اجتماعي
واختتمت عضو مجلس النقابة العامة لنقابة المحامين اليمنيين بالقول:
اللائي يتعرضن للتحرش أمامهن حاجز اجتماعي يلقي اللوم دائماً عليهن، فالنساء هن المتهمات أولاً والخوف يجعلها لاتستطيع الذهاب إلى أقسام الشرطة، وذلك أن رجل الشرطة قد يقوم هو أيضاً بممارسة التحرش ضدها فرجل الشرطة ليس ذلك الشرطي المدرب المؤهل؛ لأن يتعامل مع هذه الحالات، وبالتالي تضطر للسكوت حتى تجنب نفسها المزيد من الإهانات والتحرشات الأخرى.
أسباب
وتشير د. خديجة السياغي ـ أستاذ التربية الخاصة بجامعة تعز إلى أن النظرة الدونية للمرأة وبأن مكانها وموقعها البيت، ضآلة الثقافة وضعف الوازع الديني، إضافة لسوء التربية وضعف القيم أو غيابها أسباب وراء ظاهرة التحرش.
آثار
وتنوه إلى آثار بالغة السوء تنتج عن هذه الظاهرة كالصراعات والقتل، إذا تم التحرش بمرأة برفقة محرمها أو أحد أفراد عائلتها، إضافة للتوتر النفسي للمرأة وافتقادها للأمان في الشارع، وفي مكان العمل.
إجراءات
وترى بأن خطوات ضرورية هي المطلوبة تجاهها ممثلة بتفعيل منظمات المجتمع المهتمة بالمرأة لنشاطها تجاه هذه القضية وتوعية مأموري الضبط القضائي، وتفعيل دور وسائل الإعلام وقيام الوعاظ بدورهم التوعوي تجاه هذه القضية.
أداء إعلامي متحيز
د- سامية الأغبري- أستاذ مساعد بكلية الإعلام، جامعة صنعاء تنتقد مستوى أداء وسائل الإعلام تجاه هذه الظاهرة حيث ترى بأنه وبالرغم من عدم ممارستها لدور تعريفي توعوي، إلا أنه يتسم بالتحيز حيث يعمم صورة عن النساء المرفهات الآتيات من السعودية ودول الخليج، واللاتي ليس لديهن عمل، بينما النساء الفقيرات والمهمشات هن اللاتي يعانين التحرش بمختلف الأساليب والوسائل.
خطاب بمفردات خاطئة
وتضيف الأغبري: كذلك نرى الخطاب الإعلامي مصبوغاً بصبغة دينية، مفاده أن المرأة هي سبب التحرش، محملا بالعادات والتقاليد الظالمة بأن المرأة لو صاحت ودافعت عن نفسها، وليس الذهاب إلى قسم الشرطة للبلاغ، فإنها غير محترمة وسيئة، وأن المحترمة هي من تسكت.
لا يقدم حلولاً
وتزيد: و بالرغم من أن الإعلام ما هو إلا مرآة عاكسة للواقع وليس بيده عصا سحرية لتغيير الواقع إلا أنه لا يقدم صورة لمواجهة التحرش وكيفية التعامل معه، مثال ذلك ملحق "قضايا وناس" الذي يأتي بحالات دون تناول الأسباب والعوامل التي أدت لانتشار الظاهرة والحلول السليمة لها. وتؤكد الأغبري على عدم وجود أدوار فاعلة من قبل المجلس الأعلى للأمومة والطفولة واتحاد نساء اليمن واللجنة الوطنية للمرأة حيث ترى بأنها مجرد جهات للتوثيق ولا ترقى حتى لمستوى التوثيق الفاعل.
دور تنسيقي
عبد اللطيف الهمداني- مدير الدراسات والبحوث بالمجلس الأعلى للأمومة والطفولة أوضح بأن دور المجلس تنسيقي للجهات المنضوية في المجلس والمتابعة التقييمية لخططها واستراتيجياتها وأنشطتها.
وأضاف: الآن ننجز دليل حماية الطفل والنساء وكبار السن من العنف وهو موجه للأطباء في المستشفيات، وتضمن الدليل التعرف على حالات التحرش أو الاعتداء الجنسي كما تم إنجاز دليل لخطباء المساجد، وسيتم تنفيذ دورات تدريبية هذا العام بالتنسيق مع وزارات الصحة والعدل والأوقاف لتدريب العاملين في هذه الجهات حول حماية الأطفال من العنف والإساءة والإهمال، وكذا التعرف على حالات التحرش الجنسي.
الجمهورية |